أ.د.عثمان بن صالح العامر
تُولي الدول في التاريخ القديم والمعاصر حكاماً ومحكومين الأمن أهمية كبيرة، وتنزله منزلة عظيمة، وتتسابق السلطات السياسية المحلية والدولية بكل إمكانياتها البشرية والفكرية والمادية لتحقيقه وضمان تَنعّم شعوبها به، إذ هو الأس الذي يقوم عليه العمران البشري، والشرط الأهم لتحقيق السعادة والرفاهية والرخاء الفردي والمجتمعي، كما أنه اللبنة الأولى في صرح التنمية والبناء، والعمود الفقري للوجود الإنساني الإيجابي الفاعل، ومتى انعدم الأمن أو على الأقل ضَعف ولو نسبياً في أي بلد على خارطة الكرة الأرضية فلن تُؤدَّى العبادة الشرعية الواجبة على وجهها الصحيح وفي أماكنها التي نسبها الله لنفسه تعظيماً وإجلالاً، وأذن أن تُرفع ويذكر فيها اسمه، ولن يطلب الخائف العلم الذي هو أول أمر جاء به جبريل عليه السلام من الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن التنمية المستدامة الشاملة التي هي هدف المجتمعات البشرية قاطبة لن تتحقق في ظل الخوف وعدم الاطمئنان، ولن يسافر الراغب الضرب في أرض الله الواسعة والسعي في مناكبها طمعاً في المكسب الحلال، ولن... ولن... وعلى هذا فإن المجزوم به أن جميع المناشط الإنسانية مرتهن وجودها بشكل إيجابي صحيح وفاعل باستتباب الأمن وشعور المواطنين بالاطمئنان وعدم وقوع مكروه لا سمح الله، ليس هذا فحسب بل إن الخائف لا يتلذذ بغذاء ولا يهنأ بمنام ولا يطمئن في عقر داره لا على دينه ولا على نفسه ولا على عرضه ولا على ماله، ولذا كان دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام لمكة المشرفة {رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ومما مَنّ به ربنا سبحانه وتعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الإيواء (ألم يجدك يتيماً فآوى).
ومما فاض علينا به الرب عز وجل وجاد وتفضل أننا ولله الحمد والمنة منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وإلى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء وسنظل بإذن الله نرفل بنعمة الأمن التي يغبطنا عليها العالم بأسره.. وواجب المحافظة على ما نحن فيه من حال يفرض علينا أن نشكر الله عز وجل وأن نعض على وحدتنا الوطنية وجسديتنا المتكاملة وصفنا المتراص خلف قيادتنا الحكيمة العازمة الحازمة بالنواجذ، ومع أن الجهة ذات العلاقة لم تتهاون في بذل كل ما من شأنه ضمان استتباب الأمن وحراسة الحدود إلا أن هذه الجهود مهما بلغت من القوة والشمولية تبقى غير مكتملة ما لم يكن المواطن السعودي مشاركاً فعالاً في ذلك، ومن هذا الباب جاء توجيه معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ لخطباء الجوامع بمختلف مناطق المملكة، بتخصيص خطبة الجمعة القادمة السابع عشر من شهر شوال الجاري 1445هـ، بأهمية تذكير الناس بشكر ما أنعم الله به على هذه البلاد المباركة من نعمة الأمن والرخاء واجتماع الكلمة ورغد العيش. وتضمّن التوجيه بيان أهمية نعمة الأمن وقيمتها، ودعوة الناس لشكر هذه النعمة بالقول والعمل، وتذكيرهم بأهمية المحافظة على اللحمة الوطنية واجتماع الكلمة ووحدة الصف، وتحذيرهم من السماع للشائعات التي يبثها دعاة الفتن الذين تسببوا على كثير من بلدان المسلمين بالحروب والدمار والشتات والانفلات واكتوى أهلها بنار الخوف والرعب وفقدوا الأمن على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
وأكد معاليه ضرورة بيان أنَّ من أبرز أسباب تحقق الأمن والرخاء هو طاعة الله ورسوله وطاعة ولي الأمر، التي أمر الله - عز وجل - بها.
الجدير بالذكر أن هذا التوجيه في إطار رسالة الوزارة التوعوية من خلال منابر الجمعة في توجيه وتوعية الناس بكل ما يهمهم من أمور دينهم ودنياهم، وتعزيز المواطنة الصالحة، والتحذير من الفرقة والاختلاف.لكن جميعاً بلا استثناء حماة أرض، وحراس دار، وجنود وطن، نذود عن كل شبر من بلادنا التي لا مثيل لها في الكون كله بكل ما نملك من مال ونفس وولد، والعاقل من اتعظ بغيره، واللبيب من أخذ الدرس من التاريخ القريب منا والبعيد، ولنحمد الله ونشكره ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً على ما نرفل فيه من نعم لا حصر لها ولا عد فنحن نعيش ولله الحمد والفضل والمنة تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وفِي كنف ولاة أمر وقادة جمعوا العزم مع الحزم والحنكة مع الحكمة يسعون جهدهم في سبيل ومن أجل إسعاد ورفاهية وأمن وسلامة كل مواطن ومقيم وزائر لهذا البلد المبارك المعطاء أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية حفظها الله من كل سوء، ووقانا جميعاً شرّ من به شرّ، وأدام عز قادتنا وولاة أمرنا ونصرهم على من عاداهم ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.