ميسون أبو بكر
استطاعت للمرة الأولى ومنذ زمن جائزة من شرق هذا الكوكب (الشرق الأوسط) أن تسطع بنجمها كجائزة عالمية رغم قبضة الغرب على أوردة العالم وشرايينه، والجائزة العربية التي حملت اسم ملك من ملوك المملكة العربية السعودية كان له نبوغ مبكر وحضور عالمي منذ نعومة أظفاره؛ فقد أدخله الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه - في معترك السياسة وبعثه في مهام دبلوماسية لأوروبا، لذلك فإن الجائزة ذائعة الصيت والتي وجدت لها حضوراً في فضاء الجوائز العالمية نتيجة ما تتميز به من معايير عالية وتحكيم رصين وآلية صارمة؛ فقد كان لمن سميت باسمه (برغبة من أبنائه) تأشيرة الحضور العالمي لما له من خلفية وحضور حفره الغرب في ذاكرته التاريخية.
جائزة الملك فيصل العالمية والتي تحتضنها العاصمة الرياض في نسخها السنوية منحت لمن حصل بعدها على جائزة نوبل العالمية، وإن كان هناك ما يُقال حوّل نوبل ونزاهتها السياسية أحياناً فإن جائزة الفيصل يبقى لها نزاهتها وحياديتها وعدم تحيزها، وتمنح في مجالات علمية وإنسانية وأدبية ودينية، حيث تكرم من خدم الإسلام في رؤية لتقديمه بصورته الحقيقية للغرب والتي ربما تكون قدمت بصورة لا تشبهه.
الجائزة العالمية التي تقدم في خمسة مجالات يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويحظى الفائزون بها كما أشار الأمير تركي الفيصل باهتمام ولي العهد أمير الرؤية محمد بن سلمان، حيث يحرص على متابعة جهود الفائزين للاستفادة منهم علمياً واقتصادياً وربطهم بمؤسسات الدولة المختلفة. يحرص سمو الأمراء والأميرات أبناء الملك فيصل وبناته وأحفاده على الحضور والترحيب بالفائزين من كل صوب في هذه الدنيا في حفل الجائزة، وأن تكريم الأمير الشاعر المثقف خالد الفيصل للفائزين بها في كل عام وكلمته في حفلها السنوي هو علامة فارقة في هذه الجائزة، حيث أتطلع والكثير من المثقفين في كل عام لمصافحة كلماته التي تعد بمثابة قصيدة التكريم وهي تُقال بفخر الابن البار بأبيه ووطنه والشاعر والمثقف الذي نعشق حضوره وحرفه، وفي دورتها السادسة والأربعين قدمها الأمير تركي الفيصل نيابة عنه.
قبل أسابيع حين أعلن أمين عام الجائزة د. عبدالعزيز السبيل عن الفائزين بها في فرع خدمة الإسلام لفت نظري منحها للباحث د. محمد السماك الذي أسهم عمله منذ وقت مبكر في تعزيز الحوار الإسلامي المسيحي وأهمية العمل في هذا الاتجاه والذي منحت له الجائزة مناصفة مع جمعية مسلمي اليابان.
بالإضافة لفروعها العلمية الأخرى التي تخدم الإنسانية كافة.
حين تحدثت مع جاري الناشط الاجتماعي والأستاذ الجامعي والإذاعي الفرنسي Roland Vernizeau وجدت لديه الشغف لسبر أغوار هذه الجائزة التي ذاع صيتها وسمع عنها الكثير وهو المؤلف لمجموعة من الكتب منها كتابه الأخير حول مد جسور الحوار الإسلامي المسيحي والذي قدمه لنا أنه ثمرة حوارنا (زوجي فهد وأنا) معه، والتي اطلع من خلالها على الإسلام الحقيقي ومملكة الرؤية، حيث استقى معلوماته هذه المرة بعيداً عن ثغاء وسائل الإعلام التي قد لا تنقل الحقيقة كاملة للآخر.
الرياض التي ازدانت بالفائزين وبحفل الجائزة الذي حضره أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ظلت هي العاصمة التي احتضنت هذا الحدث (نوبل الشرق) لما يقارب نصف قرن.