م. بدر بن ناصر الحمدان
لم يفاجئني السعوديون والسعوديات بتلك الصورة الحضارية الراقية جداً التي أظهروها في تجربة تعاملهم مع بعضهم البعض في مساحات العمل المشتركة مع التحول الثقافي الذي يعيشه المجتمع السعودي في هذه الفترة الاستثنائية بكل شيء، إذ أن القيم والأخلاقيات والوازع الذاتي والديني هي سمة أصيلة كانت ولا زالت وستبقى جزءاً من مكونات هذا المجتمع المتحضر على مر الزمن.
الحقيقة أنني أشعر بالفخر والاعتزاز تجاه أبناء وبنات بلدي وما هم عليه من مستوى متقدم وراقٍ من الاحترام المتبادل والشعور بالمسؤولية والانضباط تجاه الآخر، والقدرة الكبيرة على الالتزام بالخصوصية وبحدود المساحات الشخصية وأدبيات التعايش في مكان عمل مشترك ومرن رغم حداثة التجربة.
هذا يبرهن على النضج الذي هم عليه كنتيجة للتربية المجتمعية المتراكمة التي عاشوها في كنف الأسرة السعودية، وهي امتداد لما كانت عليه العلاقة المتينة بين الرجل والمرأة في أطر العادات والتقاليد الإنسانية التي جسدها إنسان السعودية في مختلف الأقاليم بتمايز ظروفها الطبيعية والثقافية والاجتماعية عبر التاريخ.
إنه لأمر مذهل، أن تستطيع بيئات العمل في السعودية تقديم هذا النموذج المتقدم جداً والاستثنائي من الثقة والأمان بين الجنسين كممارسة عملية في أماكن تحكمها المسؤولية الذاتية وحفظ الحقوق قبل سياسات السلوك المهني التي شرعها رأس المال البشري.
إنه تعبير مباشر وقوي عن مخزون ثري من «الثقافة الخاصة» التي مكنّت الإنسان السعودي من المحافظة على مبادئه وقيمة وعدم المساس بها في ظل المتغيرات الحضرية، ويسّرت له الانتقال المتزن إلى مرحلة أكثر قدرة على إتقان «لغة الحياة» التي يشترك فيها الجميع.