محمد ناصر الأسمري
قبل قرابة نصف قرن، استشهد الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وخيم الحزن على العالم كله، ومن ينسى توافد قادة العالم لحضور جنازته ودفنه الملك فيصل، عاش فترة طويلة في مدن الحجاز مكة وجدة وبالذات الطائف. كنت أرى الملك -رحمه الله- وأنا طفل، وهو يخرج ويصلي المغرب شمال مستشفى الأمير منصور العسكري بالطائف، ثم يعود لقصره في حارة معشي. كان هذا مسلكه اليومي، وعندما تولى الحكم كان يمارس نفس السلوك في غار المعذر في موقع المستشفى التخصصي الحالي.
ورثة الملك -رحمه الله- من البنين والبنات، كان إرثهم واسع الثراء ليس بالمال، بل بالاستثمار المربح عالي القيمة والفائدة، ليس صدقة جارية فقط بل إحساناً، فقد كان قرار الأمراء والأميرات بإنشاء جائزة باسم الأب الملك الإنسان، وكما قال الأمير خالد الفيصل في مقدمة التعريف بالجائزة في دورتها 47 (وتأتي غايات الجائزة ومقاصدها بهذا المنظور الإنساني الشامل، لأنها تصدر من أرض الرسالة السماوية الخاتمة، ومهوى أفئدة المسلمين في جميع أصقاع العالم، ومن دولة أسست على نهج هذه الرسالة، واحتكمت إليها، وهذا ما يكسب الجائزة منزلتها العظيمة بين الجوائز، التي تقصد إلى شحذ همم العلماء والمفكرين، ودفعهم إلى العطاء الفكري والعلمي، الذي يفيد البشرية، ويدفعها قدماً إلى ارتقاء مدارج الحضارة).
وكما قال البروفيسور عبدالعزيز السبيل أمين عام الجائزة (تشرفت الجائزة باسم ملك عظيم، حمل هموم أمته العربية والإسلامية، وانفتح على العالم أجمع، فجاءت الجائزة استمراراً للرسالة التي تبناها، والمبادئ التي نادى بها خلال حياته).
ووفق الإحصاءات الرقمية للجائزة، فقد بلغ عدد الفائزين 295 فائزاً وفائزة من 45 دولة، وتربطني بعدد من الأمراء والأميرات الفيصليين علاقات ود وتقدير متبادل -ولله الحمد-، فقد حصتني الأمير خالد الفيصل -حفظه الله- الكثير من الرعاية والاهتمام كاتباً في صحيفة الوطن سنوات عديدة، ولا أنسى سجالي معه حول أن السعودية دولة واجهة ومواجهة، الذي أنتج كتابي دولة واجهة ومواجهة، والأمير تركي الفيصل -سلمه الله- له كثير من الفضل والثناء في تحمل ما كنت أعلق به في المحاضرات التي يلقيها، وأعتز به وبرأيه في تعليقاتي التي وصفها يوماً ما قبل أشهر أنها كانت نارية، وأعتز بمشاركتي مع الأميرات سارة ولولوة الفيصل -أعزهما الله- في تأسيس جمعية كبار السن (وقار) واعتزازي الكبير بعملي في وزارة الزراعة والمياه، تحت رئاسة الأمير محمد الفيصل -رحمه الله- عندما كان يرأس تحلية المياه، ولا أنسى مرافقته في بغداد والنجف عام 1968م، وما كان يتمتع به من معرفة ثرة في أنساب القبائل وسلومها.. شكراً لمؤسسة الملك فيصل الخيرية راعية وداعمة لجائزة السلم والسلام.