د. غالب محمد طه
وفقاً لتقرير الأمم المتحدة لعام 2023، من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم العربي إلى 686 مليون نسمة بحلول عام 2050. هذا الرقم يشير بالضرورة إلى الحاجة الماسة للتحول الرقمي والتنمية المستدامة في العالم العربي.
السفير أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع الإعلام والاتصال، أشار إلى أهمية الإعلام التنموي في تأهيل الإعلاميين للتعامل مع قضايا التنمية المستدامة. وأكد الحاجة لمواكبة التحولات الرقمية واستغلال التكنولوجيا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17 وفق الأجندة الأممية 2030. وأشار إلى أن مجلس وزراء الإعلام العرب أكد على ربط التنمية المستدامة بالإعلام الرقمي كأحد أولويات العمل المشترك. إن تطور التكنولوجيا والاتصالات الرقمية أدى إلى تقليص الفجوات الجغرافية والثقافية، مما أدى إلى ما يشار إليه بـ»القرية العالمية». ومع ذلك، هذا التقارب العالمي يأتي مع تحديات جديدة. ويعتبر التحول الرقمي ضرورة ملحة لأنه يمثل الرافعة الحقيقية لتحقيق التنمية المستدامة في العالم العربي حيث تسعى الجامعة العربية إلى تحقيق التنمية المستدامة وفقاً لاستراتيجيتها، وتعتبر المحافل العلمية في الوطن العربي هي الرهان لما لها من القدرة على الإسهام بطريقة مقدرة في تسريع مسار التحول الرقمي. يلعب الإعلام التنموي دوراً حاسماً في هذا السياق، حيث يمكنه المساهمة في تحقيق الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة بركائزها الثلاث الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفق الأجندة الأممية الطموحة 2030.
لذا، فعل جميع الدول العربية السعي لتبني التحول الرقمي والتنمية المستدامة كأولويات رئيسية في أجنداتها الوطنية. الوقت قد حان للتحرك معاً نحو مستقبل أكثر استدامة ورقمية، فالتنمية المستدامة والتحول الرقمي ليست مجرد أهداف يجب تحقيقها، بل هما الأساس الذي يمكن أن يقود الدول العربية نحو النهوض والوحدة. القوة العربية الكبيرة والموحدة ليست مجرد حلم، بل هي واقع يمكن تحقيقه من خلال التزام جميع الدول العربية بالتنمية المستدامة والتحول الرقمي.
الأطفال اليوم يتعلمون كيفية استخدام التكنولوجيا في سن مبكرة جداً، مما يمكنهم من الوصول إلى المعلومات والتواصل مع الأشخاص في جميع أنحاء العالم. هذا يمكن أن يؤدي إلى تقليص الفجوات الثقافية والجغرافية، ولكنه يمكن أيضاً أن يؤدي إلى تحديات جديدة.
مع القدرة على الوصول إلى المعلومات من جميع أنحاء العالم، تأتي أيضاً التحديات المتعلقة بالخصوصية والأمان والهوية الثقافية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الوصول السهل إلى المعلومات إلى زيادة الانقسامات بين الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر مختلفة.
في هذا السياق، يصبح وجود ميثاق شرف إعلامي ضرورياً. يجب أن يحدد هذا الميثاق القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها الأشخاص عندما يتعاملون مع المعلومات والتكنولوجيا. يمكن أن يساعد هذا في التعامل مع بعض التحديات التي تأتي مع التقارب الرقمي.
في ظل التحولات السريعة التي يشهدها عالم الاتصال، أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يتم تأهيل الإعلاميين بشكل فعال لمواجهة التحديات والفرص التي تقدمها هذه التحولات.
السعودية اليوم تقوم بجهود كبيرة في مجال التنمية المستدامة والتحول الرقمي حيث تعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحتل المركز السابع في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية، والمركز الثالث في ممكنات التحول الرقمي الحكومي والمركز الأول في مؤشر نضج الحكومة الرقمية على الصعيد الإقليمي.
ولديها القدرة على تحقيق التغيير الإيجابي والدائم في العالم العربي وبناء مستقبل أفضل للجميع وتعزيز دورها كقائد في التحول الرقمي والتنمية المستدامة. حيث تشمل هذه الجهود تطوير وتنفيذ استراتيجيات وبرامج تعليمية تركز على الإعلام التنموي والتحول الرقمي، وتعزيز التعاون والشراكات مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية، وتوفير الدعم والموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للسعودية أن تلعب دوراً حاسماً في تشجيع الدول الأخرى على اتباع خطاها. من خلال تبني وتطبيق مبادئ التحول الرقمي والتنمية المستدامة، يمكن للسعودية أن تظهر للعالم كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساهم في تحقيق تجمع عربي متضامن ومستدام. في عصر التحول الرقمي، يصبح الأمن السيبراني ضرورة ملحة. فهو يعتبر خط الدفاع الأول لحماية البيانات والأنظمة من الهجمات الرقمية. السعودية، كدولة كقائد في التحول الرقمي، تعتبر الأمن السيبراني أولوية، وتعمل على تطوير استراتيجيات وبرامج لتعزيز الأمن السيبراني، وتوفير التدريب والتعليم اللازم للأفراد والمؤسسات للتعامل مع التهديدات السيبرانية. هذا الجهد يعكس التزام السعودية بتحقيق تجمع عربي متضامن ومستدام في عالم رقمي متقدم.
في هذا السياق، يجب أن نعترف بأهمية التعليم كأداة حاسمة لتحقيق التحول الرقمي والتنمية المستدامة. التعليم يمكن أن يلعب دوراً محورياً في تمكين الأفراد من استخدام التكنولوجيا بشكل فعال وآمن، وفهم التحديات والفرص التي تقدمها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتعليم أن يساعد في تعزيز الوعي حول أهمية التنمية المستدامة والتحول الرقمي، وتشجيع الناس على الانخراط بشكل أكبر في هذه القضايا. في النهاية، التعليم يمكن أن يكون القوة الدافعة لتحقيق تجمع عربي متضامن ومستدام في عالم رقمي متقدم.
في النهاية، يمكن القول إن العالم قد أصبح أكثر ترابطاً من أي وقت مضى، ولكن هذا لا يعني أننا قد حققنا الوحدة الكاملة أو التفاهم الكامل. هناك الكثير من العمل الذي يجب أن يتم للتعامل مع التحديات التي تأتي مع هذا التقارب العالمي.