فضل بن سعد البوعينين
رحلة تحول تاريخية تشهدها المملكة، بدأت بإعلان سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق رؤية السعودية 2030، التي غيّرت وجه المملكة، ومنظومة التنمية الشاملة، ووضعت الاقتصاد الوطني على مساره الصحيح.
تحول اقتصادي، تنموي، استثماري، مجتمعي، وسياسي تحقق، بفضل الله، ثم بعزم القيادة ورؤيتها المباركة التي مضت في مسارها الصحيح نحو تحقيق أهدافها، ونجحت في عامها الثامن من تجاوز عدد من مستهدفاتها قبل موعدها المحدد.
ركزت المملكة في رؤيتها على تنويع اقتصادها، ومصادر الدخل، تحسباً لعصر «ما بعد النفط»، ورفع كفاءة العمل الحكومي، واستكمال البنى التشريعية والرقمية، فوضعت البرامج المناسبة لتنويع مصادر الدخل، وتطوير قطاعات اقتصادية واعدة مثل قطاع السياحة، التعدين، والخدمات اللوجستية، وتطوير الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم، وتطوير القطاع المالي، والتوسع في التقنيات المالية، والتحول الرقمي، وتعزيز الاستثمار والابتكار، وتحسين معيشة المواطنين ورفع جودة الحياة.
أهداف طموحة، وبرامج متنوعة، ومنظومة عمل حكومي غير تقليدية، تعتمد في أساسياتها على التكامل، وتشكيل فريق عمل موحّد معني بتحقيق الأهداف وبما يضمن تحقيق الكفاءة وجودة المخرجات، وربطها بمؤشرات أداء دقيقة.
أحدثت الرؤية تحولاً نوعياً في الاقتصاد، وأثراً تنموياً واجتماعياً بعد انقضاء نصف زمن الرحلة التي ستمتد حتى العام 2030. نجاحات متميزة أشادت بها مؤسسات دولية كصندوق النقد والبنك الدوليين، وأسهمت في تقدم المملكة في كثير من المؤشرات الدولية، وتقييم وكالات التصنيف العالمية.
انضباطية التنفيذ، والالتزام الحكومي، والمتابعة الدورية، والإشراف المباشر من سمو ولي العهد، ساهم في تحقيق النتائج الإيجابية. 87 % من مبادرات الرؤية باتت مكتملة، أو في مسارها الصحيح، في الوقت الذي حققت فيه 81 % من المؤشرات مستهدفاتها السنوية.
لمؤشرات القياس دور رئيس في تحقيق النتائج الإيجابية من خلال تقييم الوضع الراهن وحجم الإنجاز، ومقارنته بالمستهدفات، اعتمادا على أفضل الممارسات الدولية في عمليات القياس الدقيقة، وهو ما تعتمد عليه القيادة في التقييم والتدخل لمعالجة التحديات، أو تصحيح المسار. المتابعة الدورية وعرض مؤشرات الأداء كل ثلاثة أشهر، يعطي القيادة رؤية بانورامية عن مسار التحول التاريخي، والالتزام والانضباطية في تنفيذ البرامج، ويساعد أيضا في توفير الدعم المطلوب، والتدخل السريع لمعالجة التحديات، وفي مقدمها التحديات التمويلية والتشريعية.
تتصدر أحاديث بعض أصحاب المعالي المتلفزة، إضاءات من لقاءاتهم مع سمو ولي العهد، تُبرز المتابعة الدقيقة من سموه، لمسارات برامج الرؤية ومشروعاتها، ومعرفته بالتفاصيل، إضافة إلى معالجته الفورية للتحديات التي كانوا يعتقدون صعوبة حلها، وطلبه منهم برفع سقف المستهدفات، متى ما تحققت الأهداف قبل موعدها المحدد، ومطالبتهم بالمزيد. فتحقيق المستهدفات وفق خطها الزمني، لا يعني السكون للراحة، بل البدء في تحدي جديد بعد رفع سقف الطموح، وزيادة نسبة الإنجاز المستهدفة، ما يجعل الحكومة في سباق ماراثوني مع نفسها، و الزمن لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية، وهذا من أسرار التقدم والتسارع في تحقيق مستهدفات الرؤية.
تمكنت الرؤية، في عامها الثامن، من تحقيق 197 مؤشر من مستهدفاتها السنوية، في الوقت الذي تخطى فيه 176 مؤشراً مستهدفات العام 2023. مؤشر البطالة، تملك الأسر لوحداتهم السكنية، من أهم المؤشرات ذات العلاقة بالمواطنين، والتي تخطت مستهدفاتها، وباتت قريبة جداً من مستهدفات 2030، حيث سجل معدل البطالة رقما تاريخيا عند 7.7 % وارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 37 % وبلغت نسبة تملك المواطنين منازلهم 63.74 % وهو أمر غاية في الأهمية لانعكاساته المجتمعية. كما سجلت الأنشطة غير النفطية أعلى مساهمة لها في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2023 بنسبة 50 % وهو أعلى مستوى تاريخي على الإطلاق، ما يؤكد المسار الصحيح لبرامج تنويع مصادر الاقتصاد.
دقة الأرقام، والمؤشرات هي الشاهد الأول على نجاح برامج الرؤية، والإصلاحات المالية والاقتصادية والحكومية، التي قادها سمو ولي العهد، بإشراف ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين، في ظروف استثنائية، وتحديات جيوسياسية، وحملات مسعورة لتقويض الجهود الإصلاحية.
أكدت الأعوام الماضية على أن رؤية 2030 هي النموذج التنموي الأمثل الذي حقق نجاحات مهمة، معززة لاقتصاد المملكة ومكانتها العالمية وبما يحقق الرفاهية للمواطنين والازدهار للاقتصاد والحماية التامة للبيئة والاستثمار الأمثل للمقومات المتاحة ورفع جودة الحياة في جميع مناطق المملكة وفق برامج ومشروعات بيئية واقتصادية عالمية. رحلة تحول تاريخية، وتنمية مستدامة، ستعيد، بتوفيق الله، بناء السعودية الجديدة وتعزيز مكانتها العالمية وقوتها الاقتصادية وجاذبيتها السياحية والاستثمارية وتأثيرها الدولي.