هناء الحمراني
قصص الناجحين ملهمة، ومثيرة للاهتمام بالنسبة للطموحين الذين يريدون معرفة أسرار النجاح، والخطى التي ينبغي أن يسيروا عليها لتحقيق طموحاتهم.
وعندما نبدأ بسماع أو قراءة هذه القصص نعيش لحظات الحماسة والترقب لمعرفة الصفر الذي انطلقوا منه، وما هي لحظات التحول الفارقة التي جنوا فيها ثمار صبرهم، وجعلتهم الآن يحكون لنا كيف نجحوا.
ومع أن الصفر قيمة عددية واضحة ولا يكاد يختلف عليها اثنان، إلا أن الناس انطلقوا من أصفار ليست متساوية في الحقيقة؛ فهي أصفار نسبية، أصفار تتناسب مع البيئة والطبقة الاجتماعية والاقتصادية، والحقبة الزمنية التي يعيشها راوي القصة.
ومثل هذا التمايز قد يجعل بعضنا ينصرف عن سماع قصة نجاح شخص ولد لأبوين غنيين، أو من عائلة مرموقة لها تاريخها ومكانتها السياسية والاجتماعية.
كما تجعله ينصرف عندما يعرف أن نقطة التحول الفارقة للشخصيات كانت بسبب الحقبة الزمنية التي عاشوا فيها، كالذين حصلوا على مناصب عليا بدرجة البكالوريوس في فترة زمنية اتسمت بندرة المتعلمين، ووفرة الفرص، أو لنقل زيادة الطلب مع قلة المعروض.
قد يكون جميع ما ذكر من المثبطات في نظر البعض، إلا أنه في الحقيقة محفز يوضح أنه مهما كان الصفر الذي تنطلق منه، ومهما كانت طبيعة اللحظة الفارقة، فإن لكل مجتهد نصيباً، وأنه كما يوجد أشخاص نجحوا لتوفر ظروف الانطلاق والتحول، فهناك من لم يستثمر هذه الظروف لصالحه، وأن هناك من لم تتوفر لهم الظروف، ومع ذلك نحتوا في الصخر لكي يصلوا إلى ما وصلوا إليه، ممهدين الطريق لأبنائهم لكي يبدأوا من حيث انتهوا.
فإن كنت أيها القارئ تبحث عن شماعة لتعلق عليها إحباطك، وعجزك، أو قلة صبرك، فدائماً هناك أعذار لعدم النجاح، وأسباب قوية لتحقيق النجاح. وإذا كنت سعيداً بما وصلت إليه، ولا تملك الرغبة لتحقيق المزيد، فلا عيب في ذلك، ولكن العيب في أن نعلل عدم رغبتنا باستحالة الحدوث.
وإن كنت تبحث عن قصة نجاح تتبع خطاها، فاعلم أن في كل قصة جوانب ملهمة، وأن الأمر أعمق بكثير من مجرد صفر عادي، فحتى الأصفار الذهبية لها قصصها الملهمة وتاريخها الملحمي، وبين الناجحين قواسم مشتركة. وأنك وإن ولدت فقيراً، فقد تكون في يوم من الأيام أباً أو أمَّاً لطفل ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، هذه الملعقة أنت من صنعها.