سهوب بغدادي
فيما أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية العمل الأول من نوعه على مستوى المملكة متمثلاً بأوبرا زرقاء اليمامة، التي تعتبر أول أوبرا سعودية وأكبر عمل أوبرالي باللغة بالعربية، والذي يعرض في مركز الملك فهد الثقافي، ويعرض العمل من الـ25 من أبريل 2024 حتى الـ4 من مايو 2024، بدايةً فكرة العمل جبارة، ولطالما تطلعنا لمثله على أرض الوطن، فمجرد تحقيقه أمر عظيم ومنبع للفخر، وعن تجربتي وتقييمي للعمل فهو بديع ابتداءً من التنظيم الجبار منذ لحظة الوصول في مواقف السيارات، وصولاً إلى متجر المبيعات والمطاعم والمحال التجارية الموجودة في مكان العرض، والعرض بحد ذاته، ومن أبهى ما لمحت هو توحّد الزي للمنظمين خاصةً العنصر النسائي، المتمثّل في العباءة الحريرية الزرقاء والتي تُباع في المتجر، وكانت المنتجات محدودة إلا أنها جميلة وغالية الثمن في ذات الوقت، ولكن لا بأس بها كبداية، كما يعد وجود محل «نوق» السعودي بصمة إيجابية لعكس التراث والمعاني المتراكبة مع العمل، بالإضافة إلى المطعم العسيري والمقاهي الأخرى، والجو العام والحلة الجديدة والبديعة التي اكتساها مركز الملك فهد الثقافي، في الوقت الذي أُكبر فيه دور وزارة الثقافة وهيئة المسرح على جهودهم الجبارة في البرامج المخصصة لتطوير الشباب والشابات واليافعين ومختلف الأعمار على الفن المسرحي، زادني فخرًا أن يكون الأغلبية العظمى من طاقم العمل لزرقاء اليمامة من المنتسبين لهذه البرامج التابعة للهيئة في أوقات سابقة على سبيل المثال لا الحصر «المسرح الموسيقي عام 2022» و»كركلا حركة ونغم 2023» و»الفراشات والنحل والكبار 2023- 2024» ذلك يعد الاستثمار الحق من مخرجات البرامج السابقة، ولم يكن لدي سوى نقطة يتيمة وددت لو تم الالتفات لها بشكل أكبر، ألا وهي اللغة العربية! قد أبدع الأديب الشاعر السعودي صالح زمانان في تأليف النص، وما أصعبه من نص حين يلتقي التاريخ بالفن في عمل ملحميّ آسر، فكتب وأجاد، إلا أن الأداء ظالم للنص، نظرًا لركاكة مخارج الحروف باعتبار أن من يتغنى بالنص العربي شخص أعجمي، ولم أكن لأعي أن النص مكتوب بالعربية سوى عند النظر إلى الشاشة ومتابعة النص مع الغناء، كما كانت الجزئية المفهومة باللغة العربية هي مقطع الطفلة، ومن رافقها كعازف الناي والعود، فعكست الثقافة العربية في تلك اللوحة، فحبذا لو كان هناك عناية أكبر باللغة العربية وتنقيحها وتدريب الفنانين على الطق والتأكد من سلامته على وجه الخصوص علامات التشكيل للنص المعروض والإملاء، حيث كانت هناك أخطاء بين الفينة والأخرى، فضلاً عن الأخطاء اللغوية في الكتاب المعروض للبيع في المتجر عن العمل، على سبيل المثال في الكتيب المرفق للسيرة الذاتية لطاقم الممثلين الثاني في ذيل الصفحة «فستقدم ثالي أداءً رائعًا في عروض إضافيتين لهذه الأوبرا المذهلة» عند المقارنة بالنسخة الإنجليزية تجد أن المعلومة مترجمة بالتأكيد لأن المعنى أن ثالي ستقوم بعملين وهذا ما سقط أثناء الترجمة، فمثل هذه الكتب والمحتويات يجب أن تنشر بعناية دون اللجوء إلى الترجمة الحرفية أو أدوات الترجمة الآلية، بل بالاستعانة بكتاب المحتوى، ومن ناحية تلحين النص، فلقد ظلم كذلك، لأن الأوركسترا كانت عبارة عن إيقاعه أكثر من لحن، وهذا الأمر يؤثّر على العمل لأن أغلب الأعمال الفنية على اختلاف أشكالها تعتمد على عنصر الموسيقى التي تعلق في الأذهان، وتكون على هيئة قوالب متكررة من الموسيقى، وهذا النوع مثبت علميًا أنه أكثر رسوخًا في المخيلة، البداية تعد جيدة جدًا، ونشكر القائمين على العمل والتنظيم الساحر، كما نتطلع للمزيد من الأعمال المتميزة في القريب العاجل.