د.شريف بن محمد الأتربي
أصدر معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قرارًا وزاريًا بإلزام المنشآت التي يبلغ عدد العاملين فيها 50 عاملًا فأكثر بالإفصاح عن بياناتها التدريبية سنويًا عبر منصة قوى. ويهدف القرار إلى رفع جودة وكفاءة برامج التدريب لدى منشآت القطاع الخاص للمساهمة في تعزيز قدرات وكفاءة العاملين لديها واستدامة فرص التطور والنمو.
ذكرت الوزارة في بيانها أنها تسعى من خلال القرار إلى توفير مؤشرات واضحة لبيانات التدريب على المستوى الوطني، وتحسين أداء وإنتاجية القوى العاملة، بالإضافة إلى تحقيق نتائج البرنامج الوطني لتحفيز القطاع الخاص في تدريب العاملين وتزويدهم بالمهارات المطلوبة في سوق العمل.
نص القرار على إلزام المنشآت التي يعمل بها 50 عاملًا فأكثر في نهاية العام الحالي الإفصاح عن البيانات والأنشطة التدريبية بما في ذلك عدد ساعات التدريب، والبيانات المرتبطة بها، وأعداد المتدربين الذين أكملوا التدريب من فئات: العاملين، والطلاب، والخريجين، والباحثين عن عمل، وألا تقل مُدة التدريب المفصح عنه عن 8 وحدات لكل متدرب سنويًا.
وعليه فقد سارعت الكثير من الشركات التي تخضع إلى القرار بتنظيم دورات تدريبية لمنسوبيها بهدف عدم الوقوع تحت طائلة المخالفة المنصوص عليها في نص القرار، وللأسف فإن عددًا كبيرًا من هذه الشركات كان التدريب فيها يتم بصورة عشوائية يهدف الكم وليس الكيف، حيث تم إخضاع العشرات من الموظفين لدورات تدريبة عاجلة ربما لا يحتاجها مجال عمله، أو لا يحتاجها هو شخصيًّا، أو سبق الحصول عليها، والهدف فقط هو تسجيل هذه الدورة عبر منصة قوى التابعة لوزارة الموارد البشرية، مما أفقد التدريب فائدته ومصداقيته.
فالدورات التدريبية أداة قوية لتعزيز قدرات ومهارات الموظفين في مختلف المجالات الوظيفية، حيث تعمل على تحسين قدرات الموظفين وتطوير مهاراتهم، إلى جانب تلقي المشاركين فيها المعرفة والمهارات الجديدة في مجالات عملهم، أو مجالات أخرى مثل القيادة، وإدارة المشاريع، والاتصال، والتواصل الفعال، وتكنولوجيا المعلومات، والتطوير الشخصي، وغيرها من الدورات التي تساعد في تنمية المهارات ضرورية للتعامل مع التحديات المهنية المتغيرة وتحقيق التفوق في العمل.
تسهم الدورات التدريبية في زيادة رضا الموظفين وتحفيزهم، فعندما يعرف الموظفون أنهم يحصلون على فرص للتطوير والتعلم، ينتابهم الشعور بالتقدير والاهتمام من قبل إدارة المنظمة، مما يعزز رضاهم عن العمل ويحفزهم على تقديم أداء أفضل والمساهمة في نجاحها.
وحتى تحقق هذه الدورات التدريبية الفائدة المرجوة منها لابد من وجود آليات تقييم لمخرجاتها، وتعد التقييمات الدورية واحدة من الآليات الرئيسية لمتابعة تقدم الموظفين الوظيفي بعد الدورات التدريبية. كما يمكن للمنظمة وإدارة الموارد البشرية تقييم التطور الوظيفي والأداء من خلال إجراء مقابلات تقييمية، وإعداد خطط تطوير مستقبلية، وتحديد الاحتياجات التدريبية الإضافية، وتوفير فرص للمشاركة في مشاريع ومهام تطبيقية.
هناك العديد من الآليات الأخرى التي تبرز تقدم الموظف مهنيًّا مثل إعداد خطط التعلم الشخصي وتقديم المشورة المهنية ومساعدة الزملاء على تطبيق المعرفة والمهارات المكتسبة في العمل المشترك. كما يمكن تعزيز آلية متابعة تقدم الموظفين الوظيفي أيضًا عن طريق إنشاء نظام إدارة المعرفة، والذي يتشارك فيه الخبرات بين الموظفين. ُيمكن هذا النظام الموظفين الذين حصلوا على الدورات التدريبية من تبادل المعرفة والمهارات التي اكتسبوها مع زملائهم، وبالتالي يتمكنون من تعزيز بيئة العمل التعاونية والمستدامة.
يجب أن تكون الدورات التدريبية مفيدة للموظفين في تعزيز مستوى الثقة بالنفس والتحفيز وتطوير مهارات جديدة وتحقيق النمو الوظيفي، وبالتالي، يحقق العمل الجماعي في المنظمة أهدافها بشكل أفضل ويساهم في نجاحها، وليس فقط حضورًا من أجل الحضور، بل وفي بعض الأحيان يعتبرها البعض فرصة للغياب عن العمل وأخذ قسط من الراحة.
كما ينبغي أن تكون الدورات التدريبية جزءًا أساسيًّا من استراتيجية تطوير الموظفين في أي منظمة، ويجب العمل على توفير كل الدعم والموارد اللازمة لتنفيذ هذه الدورات التدريبية بشكل فعال، والعمل على تحفيز الموظفين على المشاركة فيها، وتطوير آليات فعالة لمتابعة تقدمهم الوظيفي بعد الانتهاء من الدورات. من خلال هذه الجهود، يمكن للمنظمة تحقيق التميز والتنافسية في سوق العمل وتعزيز رضا الموظفين والإنتاجية العامة.