سلمان بن محمد العُمري
قلَّ أن تزور بلداً من بلدان العالم إلا وتجد بصمة خير لبلادي «المملكة العربية السعودية» من مواقف وأعمال إنسانية وإغاثية وإسلامية، ودعم مادي ومعنوي، وغيرها، وهذا المنهج الخير المبارك الذي تقدمه بلادنا منذ تأسيسها على يد الإمام الموحّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه- مروراً بأبنائه البررة -رحمهم الله-، وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- تقدم بلا مقابل وبلا منَّة، وهي بمثابة أعمال إنسانية نبيلة مستقاة من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه دولتنا المباركة.
وفي الوقت الذي نجد الدعم اللا محدود الذي تقدمه حكومتنا الرشيدة للدول وبالذات العربية والإسلامية نلحظ الجحود والنكران، وعدم الاعتراف بالجميل لما يقدم ويبذل، بل وصب الاتهام والقصور على المملكة في كل شأن من شؤون تلك الدول داخلياً وخارجياً، وهي ليس لها علاقة البتة في ذلك.
إنه لمن الواجب والأهمية بمكان إبراز ما قدمته الدولة وبلغة الأرقام لهؤلاء الرعاع الذين يبخسون دور المملكة الريادي في كل المحافل والميادين.
المملكة العربية السعودية وقادتها الغر الميامين لا ينتظرون الثناء والإطراء عليهم، بل يريدون التحدث عن المشروعات والإنجازات التي أقيمت، ومن هنا نجد أن التقصير مسؤولية مشتركة بين القائمين على تلك المشروعات ووسائل الإعلام، ومن يطلع على الأرقام والبرامج والميزانيات الضخمة التي قدمها الصندوق السعودي للتنمية طوال مسيرته العملية.
نجد مع -الأسف الشديد- أنه لا يعلم عنها إلا فئة قليلة جداً، وأنه آن الأوان لكشف ذلك بكل فخر واعتزاز بلا رياء ومنَّة، وهو حق مشروع لنا، وإن المرء ليصاب بالدهشة والاستغراب من أن هناك دولاً صغيرة لم تقدم 1 % مما قدمته المملكة العربية السعودية تبرز أعمالها..!
ومع المنجزات الضخمة والمشاريع العملاقة والأعمال الإنسانية والإغاثية المتوالية لهذه البلاد الغالية المملكة العربية السعودية إلا أنه ومع الأسف لم يواكب هذا العطاء التوثيق الإعلامي أولاً وللتاريخ، وكذلك إظهار هذه المنجزات والتعريف بها سواء في الداخل أو الخارج، ونحن نرى ومع الأسف أن دولاً تنفق شيئاً يسيراً ثم ما يمضي ساعات قليلة حتى نرى أخبارها لم تغزو القنوات الفضائية والإعلامية فقط، بل غزت جميع الهواتف الذكية، وتناقلها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حين أن هذه الأعمال لا تشكّل نسبة 1 % مما تقدمه المملكة من مشروعات ومنجزات ودعم وإغاثة وإنجاد للدول الشقيقة والصديقة.
حينما نظهر تلك الأعمال الخيرة المباركة في داخل المملكة وخارجها هو من باب إظهار وشكر للمولى عزَّ وجلَّ على النعم التي أنعم الله علينا، وللرد على الحمقى الحاقدين الحاسدين، والمنتفعين المأجورين تلك الأبواق الناعقة ندحضهم بالأفعال مدعومة بالحقائق الثابتة، ولجمهم بها، كما أنه من الأهمية بمكان العمل على تغيير لغة الخطاب والآلية الإعلامية وأسلوب الطرح ومحتواه ومستهدفاته قبل صياغته، فللوطن علينا حق، ولولاة أمرنا حق، وللمواطن حق فمتى نتغير.
نعم، متى نتغير، نحن مقصرين، وبالذات ممن يتسنمون العمل المباشر لتلك الأعمال الجبارة، وليس الإعلام وحده.
أحد القياديين السابقين في الصندوق السعودي للتنمية يتحدث بكل حسرة قائلاً: «الصندوق قام بدور فعَّال وبمبالغ ضخمه لتمويل آلاف المشاريع بالعالم بما فيها الصين وتركيا والهند والأرجنتين وفيتنام، لكن للأسف لم يكن لها عائد سياسي وإعلامي والتقصير من عندنا، كان هناك تعليمات بعدم الإعلان عنها لأسباب غير مقبولة، والسفارات لم تؤد دورها، بعكس المنظمات الأجنبية فهي تمول بمبالغ أقل بكثير ومع ذلك لها صدى بتلك الدول المستفيدة، مثال كان هناك مشروع في دولة إفريقية والصندوق المساهم الأول، ومع ذلك عندما زرنا المشروع كل عشرة كيلو لوحة تبرز تمويل منظمة أمريكية ونحن لا حس ولا خبر».
وهذا شاهد من أرض الواقع يؤكد حاجتنا لتغيير بعض المفاهيم الخاطئة، ومن هذا المنطلق أرى ضرورة وضع إستراتيجيات تتوافق مع رؤية المملكة 2030 الرامية لإبراز كل جهد ومنجز لبلادنا الغالية، تشترك فيه كل القطاعات المعنية، والخبراء المتمرسين في العمل الإعلامي لرسم الصورة الجميلة عن بلادنا أرض الخير والعطاء؛ فهل نتغير؟