عبد الله سليمان الطليان
في مقال قديم نشر في عام 2007م في مجلة (أمريكانا سينتفك ) بقلم أستاذ علم أوبئة التغذية في جامعة كارولينا الشمالية (باري إم بوبكن) يبحث في ظاهرة البدانة في العالم النامي والذي يعتبر تحذيراً لخطرها على المستويين الصحي والاقتصادي.
سوف نستعرض أهم ما ورد في هذا المقال من حقائق وآثار لظاهرة البدانة، حيث ذكر أن الناس في العالم النامي يختارون أنماط الحياة الغربية التي تساهم في البدانة، فأصبحت معدلات البدانة الآن في كثير من البلدان النامية تضاهي تلك المعدلات الشائعة في أمريكا والدول الغنية الأخرى، ويقول إن التحول من سوء التغذية إلى فرط التغذية قد حدث في جيل واحد، ويضيف عندما أعود إلى قرى زرتها قبل 15سنة في الهند والصين والمكسيك والفلبين شاهدت تغيرات هائلة إذ يسرف الأطفال في شرب المشروبات الخفيفة ومشاهدة التلفزيون ويركب البالغون دراجات نارية صغيرة بدلاً من المشي ويشترون أغذيتهم من أسواق مركزية، بالإضافة إلى تبني حياة أكثر الجلوس، واستهلاك مزيدٍ من مواد التحلية ذات السعرات الحرارية, ومن الزيوت النباتية والأطعمة من أصل حيواني (اللحوم، والدواجن، والأسماك، والبيض، ومنتجات الألبان) مهد هذا إلى كارثة صحية عامة فانتشر داء السكري وأمراض القلب وأمراض أخرى.
وتعتبر المكسيك هي أكثر مثال لافت للنظر لدولة نامية تعاني من وباء البدانة ففي عام 1989 كان أقل من 10في المائة من المكسيكيين يعانون من وزن زائد, ولم يكن هناك أحد من مسؤولي الدولة يتحدث عن البدانة حينذاك فقد كان التركيز على الفقر والجوع، ولكن الدراسات التي أجريت في العام 2006م وجدت أن 71 في المائة من النساء المكسيكيات ذوات وزن زائد أو بدنينات وهي أرقام تقترب من الأرقام في أمريكا، وأصبحت التأثيرات الصحية واضحة بالفعل فمرض البول السكري لم يكن موجوداً تقريباً في المكسيك قبل 15 سنة، ولكن سبع سكان المكسيك يعانون في هذه الأيام من السكري النوع 2 الذي يبدأ عند البالغين وينتشر بشكل سريع، ساهم في تفاقم المشكلة القرب الجغرافي من أمريكا والتأثر الثقافي من خلال الإعلام الأمريكي.
ويقول إن العولمة هي النزعة المهيمنة التي تشجع جميع هذه التغيرات في النظام الغذائي ونمط الحياة من الانتقال الحر لرؤوس الأموال، والتكنولوجيا، والبضائع والخدمات عبر العالم كله، التي ساعدت تجار التجزئة الكبار على أن يفتحوا متاجر ضخمة في الدول النامية وتجهيز الطعام الحديث الذي كان له الأثر الإيجابي في سد الجوع والسلبي في التأثيرات الصحية, كما أن شركات الإعلام العالمية عززت من جاذبية التلفزيون الذي يعرض برامج تسلية تطيل الجلوس في المتابعة وتقلل النشاط الحركي.
ويضيف أستاذ علم أوبئة التغذية، إن متطلبات الطاقة اليومية تختلف اعتماداً على العمر، والوزن، ومستويات النشاط، ومعظم علماء التغذية ينصحون بمدى يمتد من 1.800 إلى 2.200 كيلو كالوري للنساء و2.000 إلى 2.500 كيلو كالوري للرجال، لكن عندما يستهلك شخص ما 3.500 كيلو كالوري زيادة على احتياجاته أو احتياجاتها فإن هذه الكمية الإضافية عادة ما تنتج زيادة في الوزن مقدارها 0.45كيلو غراماً وهذا يكاد مفقوداً في أغلبية الدول النامية بسبب الثقافة الغذائية الصحية المتدنية لدى قطاع واسع من الذكور والإناث التي تقبل على الاستهلاك بشراهة لوجبات من الدهون الغنية بالسعرات، والسكريات والكربوهيدرات المكررة بكميات عالية.
ويقول علينا أن نعالج وباء البدانة قبل أن يفوت الأوان، وفي حالة عدم اتخاذ سياسات وقائية، فإن التكاليف الطبية للأمراض الناتجة عن البدانة يمكن أن تدمر اقتصادات الصين والهند والكثير من الدول النامية الأخرى.
في بلدي العزيز ثقافة الغذاء ما زالت ضعيفة جداً التي أدت إلى البدانة وارتفاع الإصابة بإمراض مختلفة، يأتي في مقدمتها مرض السكري بنوعيه الأول والثاني وهو في ازدياد من سنة إلى أخرى، الذي يشكل عبئاً على اقتصادنا ونموه وزيادة إنتاجيته، أتمنى الزيادة في التوعية الغذائية وفرض أنظمة أكثر صرامةً من قبل وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء.