عبدالمطلوب مبارك البدراني
جميعنا يغوص في هذا البحر العميق بسبب هذا الجهاز الصغير الذي نحمله في أيدينا أو مخابينا فرحين به ومستبشرين بقضاء وقتنا الثمين بما نجده فيه من واقع افتراضي فنحن كمن يغوص في بحر لجي إمّا أن نخرج منه الأصداف واللؤلؤ والمرجان وإلا سوف نغرق في مايسمى بالمشاهير أولئك الذين يصنعون المحتوى ويكسبون من وراءه الملايين بالإعلانات فماهو هذا المحتوى الذي يستحق منا المتابعة وضياع وقتنا الثمين عليه؟.. أليس تفاهات وصوراً لكاسيات عاريات يعرضن أجسامهن ومتابعوهن من كل بقاع العالم وأكثر المتابعين ممن انسلخوا من دينهم وعاداتهم وتقاليدهم التي تتفق مع الدين وهناك من يصور كل ما تقع عليه عينه وهو في طريقه من الغث والثمين غير آبهٍ بإضاعة الوقت وقد يصور لك أكله وشربه وأهل بيته وأطفاله فماذا نستفيد من هذا المحتوى أليس ضياعاً للوقت ووقوعاً في المخالفات الشرعية؟..
غريب هذا الزمان اختلفت فيه المفاهيم واختلط فيه الحابل بالنابل والغث بالثمين كما يقال، فالكذب أصبح ظاهرة عامة لا يُعابُ عليه أحد ونشر صور ومقاطع الأطفال القصّر وصور الأسر ومقاطع عنهم في داخل المنازل لدى البعض يعتبر تحضُّراً ورُقيّاً، ولا ندري ماذا تُخبِّئ لنا الأيام.. ما يسمى بمشهوري قنوات التواصل.. ذلك الإنسان السطحي الذي يصر على أن يوثق سخافاته في مقاطع، وينشرها عبر فضاء الإنترنت مستغلاً سرعة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي باحثاً عن الشهرة إنسان تافه، ومتابعته مضيعة للوقت حتى لو أضحك مقطعه الملايين بل جعل من نفسه أضحوكة لغيره في ثلاث دقائق أو أقل وعادة لا تضحك الناس طويلاً على مقطع أكثر من مرة لأن النكتة يتلاشى تأثيرها بعد انطلاقها أول مرة. عندما تمعن النظر في محتوى ومقاطع هؤلاء التافهين ستجد أنها تعتمد بشكل رئيس على التفاهة والانحدار الأخلاقي وما يقومون بتوثيقه «تفاهة» لا تمت للموهبة بصلة بل جرأة في ابتكار السخافة لإضحاك الآخرين فقط.. مَن سوّق لهؤلاء التافهين بنشر سماجاتهم وجعل منهم مشاهير أليس نحن؟ هل لدى هؤلاء رسالة يستفيد منها المجتمع؟
قد يقول قائل: إن هذه حرية شخصية ولكن الحرية إذا تجاوزت الخطوط الحمراء يجب إيقافها والحقيقة أن دفع هؤلاء التافهين في تصدر المشهد الإعلامي يعد تعدياً على الذوق العام وجريمة في حق الأجيال الجديدة التي تنجرف وراءهم وسوف تنشأ على التفاهة مع أن الارتقاء بالذوق العام مسؤولية كل أفراد المجتمع وعندما يتم نشر مقطع سيىء أو إعادة إرساله قد نكون ساهمنا في تعليم الأجيال التفاهة والانحطاط لأن هذا المقطع يدخل كل بيت بل كل حجرة من حجر أبنائنا بدل تعليمهم القيم العليا ولا نغفل مساهمة الإعلام لدينا في المساهمة باستضافة هؤلاء التافهين عبر قنوات التلفزة المختلفة المحلية والفضائية. هذه سلبيات قنوات التواصل.
نأتي إلى الإيجابيات إنها أداةٌ مفيدةٌ وفعالةٌ في تشكيل أصدقاء جُدد، وتسهيل التواصل مع الأصدقاء الذين انقطع الاتصال بهم، أو مع الأشخاص الذين لا يمكن مقابلتهم شخصياً، مما يوفر عناء الوصول إليهم.
يستفاد كذلك منها لنقل الأفكار والآراء المتعلقة بموضوع معين لعدد كبير من الأشخاص وبطريقةٍ سهلة، وذلك من أي مكان، وفي أي وقت، كما تساعد خاصية مشاركة الرأي المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي على فتح الأبواب لتبادل الآراء وتوسيع فرص المشاركة في التعبير عن الرأي.
حدوث تفاعل واسع بين المجموعات ووسيلة لتشكيل رأي عام مساند لبعض القضايا، وهو الأمر الذي ينتج عنه تغيير إيجابي في بعض مناحي الحياة.
وتتعدد إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أبرزها؛ توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، وتقليل الحواجز التي تعيق الاتصال، وتعد وسيلة لتشكيل رأي عام فعال، كما أنها وسيلة لنشر الدين الحنيف في كل أقطار العالم، وتساعد على متابعة أخبار العالم، بالإضافة إلى أنها تساعد رجال الأعمال والشركات في متابعة أعمالهم والترويج لها. هذه إيجابيات لا يجب أن نغفل عنها لذا يجب المشاركة في منصات التواصل جميعها ولكن بشكل لا يخل بالآداب العامة، أو الذوق العام وعدم الدخول في مهاترات قد تعطي فكرة سلبية عنك وعن مستوى تفكيرك، والتي قد لا تكون هي الصورة الحقيقية عنك ولكن مشاركاتك قد تعطي هذا التصور. يعتبر المحتوى المقدم من أقوى وسائل التأثير للشخصية الإعلامية، سواء كان مكتوباً أم مرئياً أم صوتياً. فإذا كان المحتوى فارغاً فماذا يستفيد البشر منه؟