عطية محمد عطية عقيلان
موضة جديدة تنتشر في منصات التواصل الاجتماعي وهو ما يطلق عليه «البرودكاست»، وهو عبارة عن حديث بين مذيع يحاور الضيف، سواء مشهور في مجال الإعلام أو الاقتصاد أو الرياضة أو الطب أو من رواد الأعمال.. وما يميزه تبسط الحوار، بدءاً من عدم التكلّف باللبس والديكورات البسيطة والعفوية في طرح الأسئلة، رواج هذا النوع من البرامج كموضة تجذب المتلقي، ساهم في تعددها، وجلها يركز على الشخص وزهوه بنفسه والحديث عن نجاحاته وبطولاته سواء كلها حقيقية أو بها جانب متخيل، وخاصة عند حديثه عن الصعوبات التي واجهها، وكيف استطاع التغلب عليها، طبعاً يختفي ذكر أي سلبيات أو أخطاء أو كوراث قام بها وفي حال طرحها يتم تناولها بشكل سريع ودون تركيز، بل ودخل على خط هذه النوعية من البرامج الأطباء والمفكرون ورجال السياسة «المتقاعدون»، طبعاً لا تخلو بعضها من الفائدة والاطلاع على تجربته لاسيما في طرحها بطريقة بسيطة وعفوية وجاذبة، ولكنها تتجه في الغالب نحو المثالية المفرطة في تناول الصعوبات وقصص النجاح والتجارب، خاصة عندما يرتفع الأدرينالين «هرمون الحماس» للمتحدث ويبدأ بالشعبوية ويبدأ في التنظير وتوجيه الشباب ونصحهم لطريقة اختيارهم لحياتهم وكيفية الادخار وبناء العمل الخاص بهم والتحرر من العمل لدى الغير وقد اعتبرها العبودية الجديدة أي الوظيفة، متناسين أن الناس مختلفو الميول والقدرات، فلكي تتضح الصورة للقارئ العزيز، تخيل أن المستشفى كل العاملين به أطباء فقط أو ممرضون أو فنيون.. ولكي ينجح لا بد من توافر جميع التخصصات ليؤدوا أدوارهم، وهذا ما يحتاجه المجتمع من كافة التخصصات والمهن والقدرات ولكل دوره المهم لنستطيع أن نتعايش ونستمتع بها، ولكن يؤخذ على بعض هذه البرامج رغم أن الحوار بسيط وتلقائي والصورة مفلترة وإضاءة جميلة للظهور بأجمل شكل، ولكن تحتاج الكلمات أن تكون واقعية بعيداً عن التنظير والبطولات والتحفيز السلبي الضار للمتلقي، والأرزاق ليست أموال فقط، بل أخلاق وصحة وعافية وذرية وعيش حياة طبيعية، وقد كنت أتمنى أن يكون هناك فقرة في كل «برودكاست» تسلط الضوء على إنجازات الضيف على صعيد أسرته ومجتمعه وما قدمه لهم من تحفيز أثر على مسار حياتهم.
عزيزي القارئ هناك آلاف النماذج لرواد أعمال على مر التاريخ مروا بتجارب مقاربة للقصص المهمة التي تروى، ولكن نتيجتها كانت إفلاس ووبال عليهم، ولنؤمن أن المطلوب منا بذل أقصى جهد والعمل قدر المستطاع، ويبقى التوفيق والنجاح عوامل ليس بيدنا في كثير من الأحيان، وفي رأيي أن السر الحقيقي للحياة هو السعادة والتي تبنى على القناعة برضا مع بذل ما أمكن لتحسينها، دون تحسر على الفرص أو القرارات الخاطئة السابقة، ولنستمتع بما نملك بالحد الأعلى ونشعر بقيمتها وقدرها، طبعاً من حسنات الإعلام الجديد قدرة العامة على إنتاج محتوى خاص بهم، وبعضها يرد بكوميديا على كثير من بعض المنظرين، يقول بيل غيتس «النجاح أحياناً معلم سيئ، إذ إنه يجعل الأذكياء، يظنون أنهم لا يخسرون».
خاتمة: لنستمتع بما يصلنا من برودكاستات جميلة.