تغريد إبراهيم الطاسان
اتجهت أنظار العالم خلال الأعوام الخمسة الماضية ولا تزال.. وستتجه كثيرًا في المستقبل إلى المملكة بعدما باتت مركزًا قياديًا وواجهة دولية لاستضافة أكبر وأهم الأحداث والفعاليات العالمية في مختلف المجالات، والتي كان آخرها الاجتماع العالمي الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد في العاصمة السعودية برعاية سمو ولي العهد -حفظه الله - تحت شعار: «التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية»، بمشاركة قرابة ألف من قادة العالم والحكومات ومجتمع الأعمال من 92 دولة، ضمن حوارات مثمرة تساهم في تعزيز التعاون العالمي وتحفز الجهود الدولية لابتكار الحلول المستدامة للتحديات العالمية الراهنة.
وكما نعرف جميعاً، فإن المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تأسس عام 1971 في مدينة دافوس السويسرية يمثِّل أحد أبرز الأحداث الدولية التي يهتم بها العالم من حيث الأثر الاقتصادي، كونه يسلّط الضوء على أكثر القضايا إلحاحاً في العالم، ويهدف إلى إيجاد حلول للقضايا المطروحة، وتحقيق استقرار العالم سياسياً واقتصادياً، وتوفير قاعدة للتواصل وتبادل الأفكار من أجل تشكيل الأجندة العالمية الاقتصادية. ومنذ انطلاقة مشاركاتها في المنتدى شهدت المملكة مسيرة حافلة بالعديد من الإنجازات والاتفاقيات والشراكات والمبادرات التي أبرزت جهودها في دعم الاستقرار الإقليمي والدولي من خلال دَورها الريادي في استقرار أسواق الطاقة، والقيادي في تعزيز التوازن بين مصالح الدول المنتجة للطاقة والمستهلكة لها، إلى جانب تحركاتها وتطلعاتها في مجال الطاقة المتجددة، وذلك في إطار حضورها الدولي ومكانتها العالمية.
ولا شك في أن استضافة المملكة لهذا الحدث العالمي الذي خرج للمرة الأولى بعد جائحة كورونا من دافوس إلى الرياض، لم تكن مستغربة، بل كانت متوقعة، فهي تأتي بعد نجاحات السعودية المتتالية ودورها الفاعل في القضايا الدولية من خلال تكريسها كافة الجهود لبناء منظومة عالمية أقوى وأكثر متانةً واستدامةً، ودعم التعاون والتكامل والعمل المشترك، والمساهمة بفعالية في مناقشة وتبادل الفرص ومواجهة مختلف التحديات الدولية الراهنة، إضافة إلى العمل من أجل استشراف المستقبل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، في وقت تزعزع فيه الاضطرابات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية المعقدة استقرار العالم.
وبجانب جهودها لتعزيز التعاون الدولي، فقد جاء انعقاد هذا الاجتماع العالمي في المملكة بالتوازي مع ما تشهده من تحول تاريخي غير مسبوق، وهو يرسّخ مكانتها المرموقة وما تمثِّله من ثقل إسلامي كبير، وعمق عربي، ودور إستراتيجي واقتصادي مؤثِّر في القرار العالمي، كما يعكس ما وصلت إليه من نهضة شاملة على الأصعدة والمستويات كافة في ظل رؤية السعودية 2030 ومشاريعها وبرامجها الطموحة التي تستهدف تحقيق تحول اقتصادي شامل، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية للاستثمار، وبالتالي فقد شكّل هذا الحدث من وجهة نظري فرصة اطلع من خلالها المشاركون على مدى التقدم الذي أحرزته رؤية بلادنا المستقبلية، لاسيما أن هذا الحدث يأتي بعد أيام من إصدار التقرير السنوي لرؤية المملكة في عامها الثامن، والذي أبرز الخطوات الناجحة والإنجازات التنموية التي حققتها على مختلف الأصعدة، وتخطِّيها العديد من التحديات، حتى باتت من أكثر دول العشرين نموًّا.
كلّ الشكر والتقديرِ والامتنانِ لقيادتنا الرشيدة على سعيها لاستضافة هذا الحدث العالمي، الذي أبرز جهود المملكة في تعزيز التعاون الدولي، وحشد قوتها الدبلوماسية الكاملة لوضع خطط واضحة تعود بالفائدة على الجميع، والعمل على دعم الاستقرار والازدهار والسلام في المنطقة والعالم، آملين أن تواصل بلادنا الاضطلاع بدورها الكبير في إحداث تأثير عالمي دائم يساهم في مناقشة القضايا الأكثر إلحاحاً، وإطلاق الحلول القابلة للتطوير، واستشراف الخطط للعديد من التحديات التي يواجهها العالم، ومساعدته على تحقيق المزيد من الترابط وتحقيق الرخاء والاستقرار، في ظل التوترات الجيوسياسية والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية التي تزيد من حدة الانقسامات على مستوى العالم.