د. إبراهيم بن جلال فضلون
هناك التزام في تنفيذ رؤية المملكة التي خلقت فرصنا، منذ الخطط المرسومة وفق خيارات مالية متنوعة المصادر بعيداً عن الاعتماد على النفط ومشتقاته فقط، والسير بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بها، عبر الإصلاحات الجمة، ضمن خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرامية إلى تنويع اقتصاد البلاد بما في ذلك تخفيف القيود الاجتماعية وجذب الاستثمار، لتكون المملكة مركزاً إقليمياً لُكبرى الشركات العالمية وقد حدث بالفعل، كما أن توفر معظم تمويل المشاريع تنوعت وفق طبيعة كل واحدة، فمثلاً «نيوم» عند إطلاقه قبل نحو سبع سنوات يستهدف المستثمرين الأجانب، منذ نقل أسهم للشركة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي (مالك المشروع)، لتدخل صور تمويلية جديدة كالكلفة البالغة 500 مليار دولار وفقاً لبيانات صندوق الاستثمارات العامة ستتكلف المرحلة الأولى منها نحو 319 مليار دولار، ويأتي نحو نصف التمويل من الصندوق السيادي السعودي، بما في ذلك تسريع إصدارات الديون وتنظيم عروض لبيع حصص من شركات محفظته، لكن الظروف الإقليمية الصعبة ستبقي القائمين على المشروع في حالة استنفار.
تعد (نيوم) وجهة الوجهات مؤشراً إلى أكثر عناصر رؤية 2030 طموحاً، إذ يجرى تطوير مشاريع فرعية سكنية وصناعية وسياحية وتجارية ومشاريع بنية تحتية للطاقة المتجددة بصورة متزامنة ضمن المساحة الجغرافية نفسها، كونها جاذبية على المدى الطويل تعتمد إلى حد كبير على البيئة المحلية السريعة التغيّر، على مساحة ضخمة، وفي بعض الحالات تظهر مشاريع فرعية ذات طبيعة متشابهة، مثل السياحة البيئية الفاخرة في صور مختلفة، وبالتالي تخطط «نيوم» لجمع ما يصل إلى 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) من البنوك المحلية لتمويل تطوير جزيرة «شوشة».
ومن خلال ما سبق نجد أن هناك خمس نقاط رئيسة لتقييم وسائل تمويل مشروع «نيوم»، مما يستلزم استمرار الإنفاق الحكومي على مدى العقود القليلة المقبلة, بدءًا من تحديد حجم كلفة المشروع ومقارنتها بالمشاريع العملاقة عالمياً، ثُم، دراسة آليات تمويل تلك المشروعات واختيار ما يتناسب مع مشروعنا الوطني، وثالثاً تحديد وسائل التمويل، ولتتمثّل سعي منفذ المشروع وهو الحكومة السعودية للحصول على أقل كلفة تمويلية التي تنعكس على تحقيق الأرباح وتقليل المصاريف رابعاً، لنختتمهم بالترتكيز على دراسة النقاط السابقة، والتفكير خارج الصندوق لضمان وجود الموارد المالية المتنوعة بأي صور كانت من (تمويل حكومي أو شراكة مع القطاع الخاص أو أسواق الدين).
إنها الحُلُم الذي يسعى إلى تعزيز روافد تمويلها لمشاريع البناء الضخمة في المدينة المستقبلية البالغة قيمتها 1.5 تريليون دولار، مع طرح سندات مقومة بالريال لاحقاً، في سابقة هي الأولى من نوعها، بينما شرعت أخيراً في التسويق والجولات الترويجية للمستثمرين.. كما كانت النسخة الأحدث لجولاتها نيوم العالمية التعريفية «اكتشف نيوم في الصين»، وتحديداً في مدينتي بكين وشنغهاي، بحضور أكثر من 500 من قادة الأعمال والصناعة.
إن «نيوم» تحفة فنية من شأنها أن تحول اقتصاد البلاد للأغنى عالمياً، هي مجموعة من البلدات والمدن المستقبلية التي من المتوقع أن تستوعب 450 ألف شخص بحلول عام 2026، وحظي أحد التطورات داخلها، والمعروف باسم «ذا لاين»، بأكبر قدر من الاهتمام لكونها منطقة اختبار للتكنولوجيا المستقبلية وأول مدينة مغلقة بالكامل بطول 170 كيلومتراً وعرض 200 متر وارتفاع 500 متر، وتشمل خطط «نيوم» تشييد منطقة صناعية وموانئ ومنشآت سياحية، تسير جنباً لمشروع «ذا لاين»، التي ستستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029 في منتجع جبلي يسمى «تروجينا»، وافتتاح مشروع تطويري آخر يحول جزيرة في البحر الأحمر إلى وجهة سياحية فاخرة تعرف باسم «سندالة»، بعدما كشفت «نيوم» النقاب عن «نورلانا»، كنمط حياة نشط فائق الحداثة حصرياً، وكذلك الإعلان عن «أوتامو»، الوجهة الفنية والترفيهية الجديدة مماثلة لـ»ليجا» و»إبيكون»، و»سيرانا»، كمشاريع ساحرة في الأشهر الأخيرة.
لقد عينت «نيوم»، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي بنوكاً مثل «HSBC» ووحدات الأوراق المالية التابعة لـ»مصرف الراجحي» والبنك الأهلي السعودي لتقديم استشارات حول الطرح المرتقب للصكوك التي يمكن أن تجمع ما يصل إلى 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وفق ظروف السوق، والعمل على استهداف مستثمري القطاع الخاص وقطاعات المستثمرين المؤسسيين لجمع مزيد من رأس المال لتمويل المشروع، حيث تفيد التقديرات السوق إلى حاجة صندوق الاستثمارات العامة لجمع 270 مليار دولار أخرى لتحقيق طموحاته بالكامل للمشروع.