د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تحولت السعودية إلى منصة عالمية للنقاشات الدولية بعدما قادت مسيرتها في خلق الفرص وتنمية المسؤولية العالمية لمواجهة التحديات على المستوى العالمي وليس سراً أن يكون موضوع الطاقة من أبرز الموضوعات التي احتلت أكثر من جلسة منذ اليوم الأول للمنتدى حيث تواجه عملية التحول نحو الطاقة الخضراء تحديات متعددة.
لن ينتقل مجتمع الاقتصاد العالمي من دافوس إلى الرياض على مدى يومي 28 و 29 إبريل 2024 في وقت تزعزع فيه الاضطرابات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية المعقدة استقرار العالم المنقسم، وبالتالي، فإنه يهدف إلى دعم الحوار العالمي، وإيجاد حلول للتحديات العالمية المشتركة، حيث سيعمل وفق أجندة هادفة إلى تعزيز أساليب التفكير المستقبلي في التعامل مع الأزمات.
يأتي هذا الاجتماع بعد 3 أيام على إصدار التقرير السنوي لرؤية المملكة في عامها الثامن، وفي ذكرى إطلاقها في 25 إبريل 2016 الذي أبرز الإنجازات التنموية التي حققتها السعودية على مستوى الأصعدة، ففي منتصف رحلتها حققت السعودية مستهدفاتها بسرعة عالية حيث إن 87 في المائة من مبادراتها مكتملة أو تسير على المسار الصحيح، بينما 81 في المائة من مؤشرات الأداء الرئيسية للبرامج حققت مستهدفاتها السنوية، أي أن قطار الرؤية السعودية يقترب من محطة 2030.
ما جعل البنك الدولي يعمم تجربة السعودية الإصلاحية لدفع قدرات الدول التنافسية، ليس هذا فحسب بل إن صندوق النقد الدولي يدشن مكتبه الإقليمي في الرياض لتعزيز الشراكة مع دول الشرق الأوسط، بعدما وصف صندوق النقد القطاع السعودي غير النفطي بالقوي، وسيبقى على ما هو عليه على المدى المتوسط، متوقعاً تسجيل الاقتصاد الكلي نمواً بشكل سريع خلال عام 2025 رغم تخفيضات الإنتاج النفطي المقررة عبر تحالف أوبك بلس هذا العام 2024، بل اعتبر نائب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق أن تأثير التوترات الإقليمية في دول الخليج طفيف جداً، ويكاد يكون غير موجود، مرحباً برؤية دول الخليج للأمن الإقليمي التي أعلنت أخيراً.
لذلك سيكون الاجتماع مناسبة ليطلع المشاركون على هذا التقدم المحرز في استراتيجية التحول الاقتصادي، وفي بيئة الأعمال المتاحة أمام الاستثمار الأجنبي، ما جعل السعودية تحشد المال والأعمال الذي أوصى بتوظيف التكنولوجيا لنمو الاقتصاد العالمي، وأعلنت في ختام المنتدى الانضمام إلى تحالف دولي للذكاء الاصطناعي، خصوصاً وأن الثورة الصناعية الرابعة للسعودية ستولد فرصاً بحجم مليار دولار، حيث تحتل السعودية المركز الثاني في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية عام 2023 بين مجموعة العشرين، حيث وصل حجم سوق الاتصالات 44 مليار دولار واتفاق بين السعودية والمنتدى الاقتصادي على إنشاء أول مركز من نوعه لمستقبل الفضاء.
السعودية تعقد قمماً ومؤتمراتٍ للتعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة، وهي تحفز التعاون الدولي من أجل بناء عالم أكثر ازدهاراً، خصوصاً وأن السعودية ومنطقة الخليج لديها كثير من الطموحات لتعزيز الاندماج الاقتصادي، والعالم يدعم هذا التوجه من الاندماج المتسارع، وستشهد السعودية مزيداً من التحول في التنويع الاقتصادي وهي بحاجة إلى انفتاح قوي على المنافسة المحلية والعالمية حتى تضمن السعودية أن صناعاتها قادرة على الازدهار بجدارة وبأسرع وقت من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام مستفيدة من استراتيجيات الاستثمار الذي يعزز الاقتصاد المرن في تنمية التنافسية، وستكون السعودية على مفترق طرق لتغيير الاقتصاد العالمي خصوصاً وأن السعودية ملتقى للحزام والطريق والممر الهندي الأخضر، وهناك توجه صيني لتعزيز التعاون مع السعودية في الطاقة النظيفة وتكنولوجيا الصناعات الجديدة خصوصاً وأن التكلفة هي التحدي الأكبر الذي يواجه الطاقة النظيفة، حيث رياح عكسية تضرب الطاقة الخضراء جعل التخلي عن الوقود الأحفوري مجرد خرافة.
كانت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض وهو الأول خارج دافوس تأكيداً على دور السعودية وسعيها الدائم لتعزيز العمل المشترك والنمو الاقتصادي العالمي بعدما باتت السعودية منارة اقتصادية ومنصة عالمية لقيادة الفكر والابتكار والحلول، الذي حمل شعار ( التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية ) لتعزيز جهود التعاون الدولي وتحفيز الجهود المشتركة لابتكار حلول مستدامة للقضايا التي تواجه المجتمع الدولي .