سهوب بغدادي
إنه بهيّ الطلّة وعذب المنطق وساحر في حضوره، تنطبق هذه الأوصاف على أشخاص كثر يمرون في محطات حياتنا، وقد لا يتمكن جميعهم من إكمال تلك الرحلة حتى نقطة النهاية، فلماذا؟ أليست أوصافهم جميلة وأخّاذة؟ في رحلة الحياة التي تكون أشبه بالقطار الذي يتوقف بين كل محطة وأخرى، ليصعد البعض ويترجل منه البعض الآخر، مع كل محطة جديدة وتوقف تلمح وجوهًا تنكرها، ويضحى قلة منهم مألوفين، لتصل إلى ختام الرحلة وتجد نفسك وحيدًا وسط الزحام، زحام وخواء في آن واحد، بلا شك، إن توقف القطار ليس فقط في المحطات لتحميل وإنزال الركاب، بل هناك توقف للتزود بالوقود، بالإضافة إلى الصيانة والأمر المحتوم، «الأعطال» ففي بعض الأحيان تكون أسباب التوقف لأجل الغير، وفي مرات أخرى يكون التوقف لأسباب ذاتية وشخصية، هكذا نعيش حياتنا مع الناس، قد يكون الشخص الآخر جيدًا، إلا أن وجهته معاكسة لبوصلتك، وقد تضطر للتوقف على فهم احتياجاتك لكي تتمكن من الاستمرار، وتختلف الظروف من محطة إلى محطة وتتشابه في محطات أخرى، لا بأس، فلك أن تتخيل إذا تم زجّك في الرحلة أو القطار الخطأ! بل الأسوأ أن تكون في ذلك القطار لرحلة ممتدة السنين لأجل غير معلوم وأنت لم تجد الشخص الأهم في الحياة ألا وهو «أنت»، إن معرفتك لنفسك ومصاحبتها والتصالح معها بغية تخطي المحطات العديدة بقوة وثبات وفوق ذلك كله بسلام، أهم من أي عدد أو ماهية أشخاص.
«الحياة قد تمضي بك قبل أن تبدأ عيشها» (بول أوستر)