أ.د.عثمان بن صالح العامر
استيقظ الوطن صبيحة يوم السبت المنصرم على خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد المحسن، ومنذ لحظة إعلان نبأ أفول البدر عن سماء دنيانا عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور وقصائد ورسائل وكلمات الراحل رحمه الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته وجعل لياليه هذه أسعد ليالي عمره.
لقد عرّف رحمه الله بنفسه، معتزاً بذاته البدوية، مؤكداً التزامه بواجباته الدينية، مبيناً سماته الشخصية فقال:
أنا بدوي ثوبي على المتن مشقوق
ومثل الجبال السمر صبري ثباتي
ومثل النخيل خلقت أنا وهامتي فوق
ما اعتدت أنا أحني قامتي إلا ف صلاتي
والى افتخر بافعال يمناه مخلوق
يابنت أنا فعلي شهوده عداتي
الله خلقني وكلمة الحق بوفوق
ملكت الأرض وراس مالي عصاتي
إننا ونحن نودعك أيها البدر يوم رحيلك نقول مثل ما قلت في رثائك لجدتك رحمها الله:
مانشدت الشمس عن حزن الغياب
علمتنا الشمس نرضى بالرحيل
وندعو لك كما دعوت في آخر بيت لك في هذه القصيدة الموجعة:
يالله المطلوب ياجزل الثواب
تجعل الجنة لها ظل ظليل
في هذا المساء الحزين أقول لك كما قلت أنت في مرثيتك رحمك الله:
مرحوم يامن شيمته في عروقي
دم وفي فكري سجاياه منهج
ونسأل يا الله أن يتحقق لك ما طلبت من ربك يوماً ما بقولك:
يالله يالمطلوب ياعالم الغيب
تقبل صلاتي لك وتقبل طوافي
وتصون عرضي يا ملاذي عن العيب
وتجعل بقايا العمر ستر وعوافي
ومن أكثر القصائد التي تداولها رواد العالم الافتراضي تلك التي كتبها الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن رحمه الله أثناء مرضه قبل وفاته، مخاطباً فيها أخاه الأمير سعود بن عبدالمحسن صبّره الله:
صوتي تجرح ما بقى غير همسي
وعسى حروفي اليوم توفي بغرضها
كن السنين استكثرت طول عرسي
سبعين غيري ما حصلّه بعضها
ولا بدها يا سعود بتغيب شمسي
ذي سنة رب الخلايق فرضها
ولاعلها حريتي بعد حبسي
ولا علي ألقى عند ربي عوضها
لولاي أحبك ما تذكرت نفسي
ولا انتبهت لعجزها أو مرضها
ومادام أشوفك طاب حزني وأنسي
وما همني حلو الحياة ومضضها
لعل قبل سعود لحدي ورَمسي
أخوي من أثرى حياتي ونهضها
ويا من ذكرني ما تذكرت منسي
ذكرت من عد النجوم وقبضها
أنا الذي لو تلمس الريح خمسي
كان السحاب أرخى العباة ونفضها
هذا الشجن حرثي والأيام غرسي
قصيدتي يبطي الزمن ما نقضها
لقد نعى رحمه الله نفسه في هذه القصيدة، وبيّن حقيقة الدنيا التي نحياه، داعياً الرب سبحانه بأن يكون في رحيله عن هذه الحياة الحرية الحقيقية التي ينشدها المسلم، وفي ذات الوقت أبان عن عمق وشائج الحب التي تربطه بأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أعانه الله ورزقه الصبر والسلوان.
أحر التعازي وصادق المواساة لقيادتنا الرشيدة وللأسرة الحاكمة، ولصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز، ولصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد المحسن.
سائلاً المولى العلي القدير أن يتغمد الفقيد الراحل بواسع رحمته وعظيم غفرانه وأن يجعل قبره روضة من رياض جنانه، كما أسأله عز وجل أن يحسن عزاء أهله وذويه ومحبيه والشعب السعودي وأسرة الأدب في أي مكان كانوا ويجبر مصاب الجميع برحيل البدر ويلهمهم الصبر الجميل ويحفظ لنا قادتنا وأمراءنا ويطيل أعمارهم على الطاعة، ويديم عليهم فضله وإحسانه، ويلبسهم ثوب الصحة والعافية و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.
هي الأيام لا تبقي عزيزاً
وساعات السرور بها قليلة
إذا نشر الضياء عليك نجم
وأشرق فارتقب يوماً أفوله
صاحبا السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن، والأمير عبد العزيز بن سعد
إني معزك لا أني على ثقة
من الحياة ولكن سنة الدين
فلا المعزا بباق بعد ميته
ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
مأجورين، أحسن الله عزاءكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.