د.شريف بن محمد الأتربي
قبل ثماني سنوات، وتحديداً في الخامس والعشرين من شهر إبريل عام 2016م أطلقت المملكة العربية السعودية رؤيتها 2030.
«هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»
«يسرني أن أقدّم لكم رؤية الحاضر للمستقبل، التي نريد أن نبدأ العمل بها اليوم لِلغد، بحيث تعبر عن طموحاتنا جميعاً وتعكس قدرات بلادنا، دائماً ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تُبنى على مكامن القوة».
هذه الكلمات قالها قادتنا حفظهم الله قالها سلمان بن عبد العزيز الملك المجدد، وولي عهده محمد القائد المُلهم، ليعبرا من خلالها عن ثقتهما في المواطن والمواطنة السعودية في تحقيق آمال وتطلعات الوطن كله، بجهود أبنائه وبناته، تلك الثقة التي جيرت واقعاً ملموساً أظهرته كافة الإحصائيات الداخلية والخارجية التي تناولت الرؤية من ناحية مشاركة السعوديين فيها.
اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي ووطن طموح
ثلاث ركائز قامت عليها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ثلاث ركائز يتمناها أي مواطن لوطنه، وأي قائد لبلاده، ثلاث ركائز جُمعت معاً لتشكل قاعدة عالمية لأي دولة تخطط لمستقبلها حتى الدول المتقدمة أو ما يطلق عليها دول العالم الأول لم ولن تجد أفضل من هذه الركائز الجامعة الشاملة لرؤية الوطن في الغد القريب وليس البعيد.
أرقام ومؤشرات
في عالم المتغيرات السريعة، عالم المال والأعمال، لم تعد الكلمات فقط هي التي تشير إلى التغير الذي حدث في أي مجال من المجالات، بل الأرقام هي التي تعبر عن المؤشرات، ولقد جاءت جميع أرقام الرؤية خلال الثماني سنوات الماضية معبرة عن الإنجازات التي حدثت في جميع برامج الرؤية، ولعل الرقم 7.7 % الذي يشير إلى معدل البطالة بين السعوديين كافياً ليوضح مدى الإنجازات التي تحققت، فالمستهدف في رؤية 2030 أي بعد 6 سنوات من الآن 7 %، والواقع الآن 7.7 %، والرقم عند إطلاق الرؤية 11.6 %.
في حوار سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع مجلة «أتلانتيك» الأمريكية، والمنشور بتاريخ 3 مارس 2022، ورداً على سؤال مركّب وعميق جاء فيه:
إنني أتردد على البلاد منذ عام 2019م. وفي كل مرة أصل فيها أرى تغييراً، ومزيداً من الحداثة، ومزيداً من التقدم، إننا نقترب من 2030م، وقد أصبحت البلاد مشابهةً لدبي، ومشابهة أيضاً بصورة بسيطة لأمريكا. هل تعتقد أن السعودية ستتغير عن حالها وتصبح مثل بقية العالم؟
ليكون الرد الدبلوماسي الحاسم، نحن ليس لنا شبيه، نحن متفردون في رؤيتنا، حيث رد حفظه الله: «إننا لا نحاول أن نكون مثل دبي أو أمريكا، بل نسعى إلى أن نتطور بناءً على ما لدينا من مقومات اقتصادية وثقافية وقبل ذلك الشعب السعودي وتاريخنا. نحن نحاول أن نتطور بهذه الطريقة.
ولذا لا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى، بل نريد أن نضيف شيئاً جديداً للعالم، فالكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تعد فريدة من نوعها، إنها مشاريع ذات طابع سعودي، فإذا أخذنا العلا على سبيل المثال، فهي موجودة في السعودية فقط، لا يوجد أي نموذج مثلها على هذا الكوكب. وإذا أخذنا أيضاً على سبيل المثال مشروع الدرعية، فهو أكبر مشروع ثقافي في العالم، ويعد فريداً من نوعه. كما أن المشروع يعد مشروعاً تراثيّاً ثقافيّاً ذا طابع نجدي. وإذا رأينا على سبيل المثال مشروع جدة القديمة، فهو مشروع تطويري قائم على التراث الحجازي، وهذا يعد أمراً فريداً من نوعه كذلك، وإذا أخذنا نيوم على سبيل المثال، وذا لاين، المدينة الرئيسية في نيوم، فهي تمثل مشروعاً فريداً من نوعه تم إنشاؤه وصُنعه بواسطة السعودية. إنه لا يعد مشروعاً منسوخاً من أي مشروع آخر موجود في أي منطقة في العالم، بل يمثل تطوراً وإيجاداً للحلول التي لم يتمكن أحد من إيجادها. ولنأخذ على سبيل المثال مشروع القدية في الرياض، الذي يعد أكبر مشروع ترفيهي/ ثقافي/ رياضي في العالم، حيث تبلغ مساحته 300 كيلو متر مربع تقريباً، وهي المساحة التي تعتبر أكبر من مساحة العديد من دول العالم. ويشمل هذا المشروع كذلك مشاريع ضخمة مثل: مدينة الملاهي، المشاريع الثقافية، المشاريع الرياضية، والمشاريع العقارية، وجميع هذه المشاريع تم عملها بطريقة لم تشهدها مدن أخرى مثل: أورلاندو على سبيل المثال، ولا أي مكان آخر حول العالم؛ لذا فإننا نؤكد مجدداً أننا لا ننسخ المشاريع، بل نحن نحاول أن نكون إبداعيين. إننا نحاول استخدام الأموال التي نملكها في صندوق الاستثمارات العامة، والأموال التي نملكها في ميزانية الحكومة بطريقة إبداعية تعتمد على ثقافتنا وعلى الإبداع السعودي.
أعطني مثالاً على أن أحد المشاريع منسوخة؟ لا يوجد.
في هذا الرد جاءت كلمة العالم والكوكب أكثر من مرة لتؤكد للجميع أننا غير أي أحد، حتى وإن بدأنا متأخرين بعض الشيء، ولكننا متميزون عن كل العالم، نحن السعوديون ليس لنا مثيل ولا مقارن.
وفي الختام: لقد جاءت رؤية المملكة 2030 لتغير وجه المجتمع السعودي كله، وتحدث نقلة حضارية نوعية غير مسبوقة في جميع الجوانب الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والرياضية، و.. وتكون حديثاً للعالم كله ليعلن المركز الوطني للتنافسية، ومجموعة البنك الدولي في واشنطن عن اعتزامهما إنشاء مركز للمعرفة في المملكة، وذلك في إطار مساعي الجانبين في نشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالمياً.