سهم بن ضاوي الدعجاني
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة يوم العيد (الأربعاء) الماضي ارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 33 ألفاً و482، في حين ارتفع عدد المصابين إلى 76 ألفاً و49 منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ومع حلول هذا العيد، تواصلت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة خلال الليل مع ضربات حصدت أرواحاً في شمال القطاع ووسطه.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم العيد تصوروا يوم العيد أن وزارة الدفاع الإسرائيلية تعتزم إبقاء معبر «إيريز» على حدود شمال قطاع غزة مغلقاً، وستسعى بدلاً من ذلك إلى فتح معبر في موقع بديل، والسبب الأبشع من الفعل هو خشية سلطات العدو الغاشم قيام المتظاهرين الإسرائيليين على الجانب الإسرائيلي بعرقلة دخول المساعدات إلى القطاع، رغم موقف المنظمات الإنسانية العالمية.
لكن في المقابل رأينا صورة معبرة جداً تداولتها وسائل التواصل العالمية لسيدات فلسطينيات تترجم حالة الصمود للشعب الفلسطيني في غزة، ورغم هذا الطقس المأساوي تجلس مجموعة من السيدات متجاورات في مخيم للاجئين كل ما فيه ينطق بالأسي والحزن والظلم، بعضهن شارد الذهن من هول المأساة والبعض الآخر على وجهه خارطة حزن عميق، وكلهن أنموذج للصمود والعمل، اجتمعن لصناعة «كعك العيد»، للمحافظة على بقايا الإنسان الفلسطيني من خلال ترميم «فرحة الأطفال» في منطقة مواصي خان يونس، حيث تتحدث سيدة تدعى أم محمد: نتمنى رحيل اليهود، لأننا كنا نعمل هذا الكعك في بيوتنا فرحاً بالعيد، أما الآن فنحن هنا لعمل حلويات العيد.
ما أعظم هذا الشعب وما أشجع المرأة الفلسطينية التي وهي تحت القصف والدمار وتهديد آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة، تجد وقتاً لصنع الكعك، بل لصنع الحياة من أجل أطفال غزة، إنها المرأة الصامدة أنموذج العطاء والمقاومة والصمود من أجل بقاء الإنسان الفلسطيني في أتون هذه المجاعة التي تهدد القطاع، ويقف خلف هذه اللوحة الإنسانية جمعيات خيرية فلسطينية منها جمعية «الفجر الشبابي» لصناعة الفجر القادم من أجل أن تبقى «فرحة» الطفل الفلسطيني رغم العدوان الإسرائيلي، بفضل صمود الأم الفلسطينية التي تكتم في صدرها غضب العالم وفي عينيها بقايا دموع الأسى وعلى لسانها همسة أمل من أجل النصر الحلم، وعلى وجهها ترسم هذه الحرب الغاشمة خارطة الظلم الكبير، لكن أناملها في ذات الوقت، تنسج من «الكعك» فجر النصر القادم، لتبقى فرحة الطفل الفلسطيني في تلك المستوطنات أو بالأصح المقابر البشرية، لتبقى تلك الفرحة صرخة مدوية في وجه الوحشية الإسرائيلية، لعل العالم الحر ومنظماته الإنسانية تنصت لصوت الطفل وبكائه، بل وصراخه هنا في غزة، وألا يكتفي مجلس الأمن بالمطالبة بـ»إجراء تحقيق كامل وشفاف وشامل» في الغارات الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل 7 من أعضاء فريق المطبخ المركزي العالمي في غزة، وألا يكتفي المجلس المصون بالتعبير عن «القلق العميق» من خطر تفشي «مجاعة وشيكة» بين سكان القطاع، وخصوصاً أن هذه الهجمات المروعة لآلة الحرب الإسرائيلية الوحشية، أدت إلى رفع عدد الضحايا من العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا في غزة خلال هذه الحرب الشرسة إلى 224 على الأقل، أي أكثر من 3 أضعاف عدد العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية الذين قتلوا في أي نزاع واحد تم تسجيله في عام واحد على مستوى العالم!