عبده الأسمري
في ليلة ذات «شؤون» في أغسطس من عام 2016 وهو العام الأول لارتباطي بصحيفة الجزيرة قررت أن أكتب عن الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن رحمه الله ليكون من «الأوائل» الذين سطع إشعاعهم في زاويتي الأسبوعية «بروفايل» وحينها ظللت في «حيرة» ذهنية لمنح «المقام» معنى «القيمة» وكنت كل ما كتبت «عبارة» وجدت نفسي «سائراً» في دروب مضيئة وكل ما انتهيت من «جزئية «حاصرتني «صورته» الباهية وابتسامته «الزاهية» وكأنها تستنطق «الإنسانية الحقة» التي وزعها ببذخ في كل الاتجاهات.. وحينما بدأت تسخير «المفردات» في خدمة «النص» شعرت بضرورة «الشعر» وحتمية «الشعور» لأجد نفسي أمام «فضاءات» مفتوحة تقتضي «تركيبة» تليق بضيف كريم وابن كرام.. ولأنه «البدر» فقد خطفني ذلك «السطوع» المدهش الذي أنار لي «مسارب» التفكير فصفقت طويلاً لتلك «الدهشة» التي جعلتني أطوّع «الحرف» لمروضه و»أنتج» الكلمة لمهندسها.. وما أن خرج «المقال» للنشر في «حبكة» مباركة حتى تفاجأت «بجمهور» عريض يرى في «الضيف» رمزاً ويجد في «السيرة» اعتزازاً.
بعد ثماني سنوات وفي يوم «السبت» الحزين الرابع من مايو الجاري الذي ذبلت فيه أنوار الشوارع وانطفأ فيه ضي الحروف برحيله المؤلم وموته الأليم الذي «تنبأ» به وفق «بصيرة» عميقة وأطلق قصيدته «المدوية» على «جناح» الرثاء الذاتي وعلى «كف» الإثراء الشعري في قوله:
لا بدها يا سعود بتغيب شمسي
ذي سنة رب الخلايق فرضها
ولعلها حريتي بعد حبسي
ولعلي ألقى عند ربي عوضها
بعد وفاته استقامت «خيمة» العزاء في القلوب واستقرت «غمة» الرثاء في الملامح.. وتناوبت «الأنفس» في حراسة الأحزان ما بين سكب الدمع وحبس الآهات..
في يوم رحيله استبقت العبرات العبارات وارتفعت «غيوم» التأثر لتهطل «صيباً» مهيباً من المشاعر تجللت بالأسى وتكللت بالمواساة وتجاوزت «حدود» الجغرافيا وتمسكت بصمود «التاريخ» وتخطت التعازي «معابر» الشعوب وتنافست «المواقع» وتسابقت «الوسائل» وتدافعت «الرسائل» في وصف «النبأ» وتوصيف الانعكاس في «مشاهد» سيطرت على أسبقية الحديث واعتلت أهمية الحدث وبرهنت على أحقية الحدوث.
بعد غياب «البدر» تساوت «الجموع» في احتضان «الفاجعة» من كل «الأطياف» وشتى «البلدان» وكأنهم يستمعون إلى «أمسية» الموت في «مأتم» واحد..
ترك البدر مسمى «الأبوة» حقاً لكل العابرين أمام عينيه والناهلين من عذوبته ووضع معنى «الأخوة» منهجاً لكل العاشقين لحروفه والمحبين لكلماته ووزع إهداءات «الصداقة» في فضاء جمهوره دون «أسوار» وبلا «حواجز» وبتواضع جم نثر عبيره في «سماء» الألفة ووسط أفق العاطفة..
كان البدر دوماً في اكتماله حتى بعد أن أفل بقدرية «الغياب» ليضعنا أمام «سوالف ليل» نزعت منا «الضياء» وجعلتنا تائهين في «زمان الصمت» وفي انتظار «الموعد الثاني» الذي بات في طي الذاكرة المسجوعة بالرحيل والمدفوعة بالتأجيل..
حدثينا يا روابي نجد عن تلك الروح التي استوطنت وطناً شامخاً رفعته فوق هام السحب بأمر الانتماء.
دارنا مثل العروس تذكر «الخاطب» الوفي الذي قدم لها «مهر» الوطنية بكل ولاء..
اتحدت المشاعر باحثة عن «السلوان» أمام سطوة الفاجعة لتردد عطنا في هواك الصبر أيها البدر.. ويطري عليك الوله واه من ليل التجافي ما أطوله أمام هذا الغياب الذي احتل وجداننا وليته كان في «أفق» الفجر البعيد حتى يستمر ضياؤك لينير «الشعور» ويبهج «الشعر» ويجبر الخاطر ويسعد النفس.
أيها البدر المضيء الماضي إلى جوار ربك.. أنت في ضيافة كريم جواد حنان منان أسأله رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما أن يغفر لك ويرحمك وأن يجبر قلوب ذويك وأسرتك وأحبابك وكل من يعرفك وأن يضيء قبرك بنسائم الرحمات.