خالد بن حمد المالك
كانت فكرة تخصيص الأندية تُراوح مكانها، فهناك كلام كثير، وعمل مفقود، حتى قيّض الله لها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليضع الرياضة بأنديتها على سكة التغيير، وصولاً إلى تخصيصها بفكرة غير مسبوقة، كما أنها لم تكن على بال أيّ أحدٍ من المهتمين أو العاملين في الشأن الرياضي.
* *
وعادة ما يُصاحب الأفكار ذات الريادة الكثير من التجاذب في تقييمها، والشك في نجاحها، وإثارة الأسئلة حولها، ومحاولة القفز على ما تختزنه من رؤى لمشروع طموح، ربما لإجهاضها عن حُسن نية أو جهل، أو لمآرب أخرى.
* *
لكن ما حدث للأندية في المملكة من امتلاك صندوق الاستثمارات العامة لها لم يترك مجالاً لقول يؤّثر على مسيرة القرار، وإن حاول البعض - عبثاً - أن يمارس الشيطنة، ويتحول إلى معول هدم لمشروع رياضي كبير أثار انتباه العالم، وحوّل المسيرة الرياضية في المملكة من اجتهادات بميزانيات متواضعة وباجتهادات فردية إلى واحدة من الدوريات العالمية بميزانيات ضخمة، وباستقطاب مشاهير ونجوم اللاعبين الدوليين المحترفين.
* *
ربما عاب المشروع الرياضي أنه تكتّم خلال الفترة الماضية على التفاصيل الدقيقة من المعلومات، فترك الساحة الرياضية تغلي، معتمدة على الشائعات، والمعلومات غير الصحيحة عن آليات عمل برنامج الاستقطاب، ودور صندوق الاستثمارات في تمويل صفقات شراء اللاعبين، وتسديد الديون المُستحقة على بعض الأندية، مع أن لدى الأندية معلومات دقيقة عن كل هذا، ولكنها تتحدث بما يمكن وصفه على أنه التفاف على الحقيقة, ما جعل الشائعات تكبر ويتسع مداها إلى حدِّ التشكيك في عدالة التمويل بين الأندية.
* *
وحسناً أن تم عقد المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي، وخُصّص للحديث والإجابة عن كل ما كان مثار جدل حول دعم الأندية، وبرنامج الاستقطاب، وتحديداً ما يقال عن التفاوت في دعم الأندية، وأن الديون التي سددت عن بعض الأندية لا تدخل ضمن الميزانية المقررة لكل نادٍ، والتشكيك بصحة تمويل بعض الأندية لصفقاتها من اللاعبين من إيراداتها الخاصة، بما في ذلك دعم أعضاء الشرف المنتمين لها.
* *
لهذا كان المؤتمر واضحاً بتأكيده على أن صفقات اللاعبين الأجانب، والديون المستحقة على الأندية، وما يترتب على التخلص من بعض اللاعبين بعد التعاقد معهم من تعويضات، كلها تكون من ميزانية النادي المدعوم من صندوق الاستثمارات العامة، وكان على المؤتمر أن يدخل بشيء من الإجماليات وليس التفاصيل ليوضح ما لا ضرر من توضيحه، حتى يتوقف الجدل المفتعل أمام مشروع كبير يُقدر للدولة، ولمحمد بن سلمان شخصياً تحقيقه.
* *
فإذا كان الدعم متساوياً بين الأندية الأربعة (الهلال، النصر، الأهلي، الاتحاد)، بمعنى أن الميزانية المدعومة من صندوق الاستثمارات بالتساوي بين هذه الأندية، وأنه استقطع منها ما تم تسديده من الديون، أو مقابل ما يُلغى من عقود وتعويضات مستحقة للاعبين مقابل ذلك، وإذا كان لدى الأندية علم بذلك، وتغالط الواقع، وتتحدث لإثارة الشارع الرياضي بما يخالف الواقع، فالمفروض أن يرد عليها، ولا ينتظر حتى تحديد موعد جديد للمؤتمر الدوري للقطاع الرياضي.
* *
وعلينا أن نتفهم بأن المشروع الرياضي هو في سنته الأولى، ومن الطبيعي أن يصاحبه بعض الغموض في بعض التفاصيل، وهذه مهمة الأندية، ورئيس وأعضاء برنامج الاستقطاب، أن يرسلوا رسائل تطمين للجمهور بما هو حقيقي أولاً بأول بدلاً من استمرار السباحة في بحر من الشائعات لهدف في نفس نادٍ أو أكثر، تبريراً للقائمين على النادي لخسارة مباراة أو بطولة، خاصة وأن من يختار اللاعبين هي الأجهزة الإدارية والفنية بالأندية.
(يتبع)