د. عثمان بن عبد العزيز آل عثمان
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} ولله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده تعالى بأجل مسمى، والحمد لله رب العالمين مع الإيمان والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فقدَت عائلة الرشيد في نعجان محمد بن حمد الرشيد ( يرحمه الله تعالى ) رجلًا من رجالها المخلصين المحبين للخير والعطاء، فأعماله ( يرحمه الله تعالى ) شاهدةٌ على تلك المحبة الصادقة للناس، وخيرُ دليل على محبة القلوب له التي انعكست بكثرة الحشود التي أدَّت الصلاة عليه في جامع نعجان، وكثرة المحبين والمعزين، فقد كان (يرحمه الله تعالى) يتَّصف بالتواضع والكرم والجود والعطاء والبذل، حتى أنه كان يقال عنه - غفر الله تعالى له - إن ما في يديه وما في جيبه ليس له، فهو باذل جهده وماله في سبيل إسعاد الآخرين، وكان مقرَّبًا للجميع، ومحبًّا للأطفال، يقدِّم لهم الهدايا والعطايا كلما التقى بهم.
تميَّز ببياض الْيَدِ ولمسات إنسانية وطنية سامية عظيمة، تُسطِّر أسمى معاني الإخلاص لله تعالى، فقد كان يجيد فن التعامل مع الآخرين ولم يُؤْذِ أحدًا، أو يتكلم في أعراض الناس، لسانه رطب بذكر الله تعالى، يفعل المستحيل؛ لفعل الأعمال والطاعات الخيرية التي ستنير قبره بمشيئة الله تعالى، وتنير له طريقه إلى جنات النعيم مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقًا - بإذن الله تعالى - فهو سبحانه واسع العفو والمغفرة، وستكون له شافعة يوم القيامة، إذ إن أعماله وتصرفاته وأقواله الطيبة الطاهرة هي التي تبقى بعد الممات، فقد أكرمه الله تعالى بالمال فبذله في سبيله ليحقق لأسرته السعادة الحقيقية والرخاء والاستقرار والعيش السعيد، ومعروف عنه الطيب وحسن الخلق والرغبة في إرضاء الآخرين، وعزاؤنا فيه أن ترك وراءه أثرًا واضحًا، وذكرى طيبة في نفوس أبنائه والمجتمع يدعون له ويتصدقون عنه، وهناك أعمالٌ صالحة قام بها - غفر الله تعالى له- لن يعلم الناس عنها، بل أحاط بها علام الغيوب، والكتابة عن النسيب الغالي رفيق الدرب للوالد (يرحمه الله تعالى) تحتاج إلى عدد من الكتب إذا أردت الإحاطة به، ولن أستطيع أن أوفه حقه، ورغبة في المزيد من الدعاء له عليه - رحمه الله تعالى - بالمغفرة والرحمة والرضوان وإلا فإن صفاته الخيرية والإنسانية محفوظة له في موازين حسناته، بفضل الله تعالى ومنَّته، والناس شهود الله تعالى في أرضه، وقد كنت كثير الأسفار معه من أجل أداء مناسك العمرة منذ الطفولة. رحم الله تعالى أبا حمد، رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ويُلهم أهله وذويه الصبر والاحتساب، فقد توفي بعد الإصابة بالمرض من ثمانية عشر عامًا، وكان صابرًا محتسبًا بالرِّضا التامِّ بما قدَّره الله تعالى له، مات وهو جالس بين أهله وأولاده، وهو راضٍ عنهم جميعًا.