عبدالمحسن بن علي المطلق
لـ.. التلقائية التي عُرف بها لمّا عزف عليها، بذر ما دعتني أملي عن جانبها في حق بدر..
فأن يطرق عليك العزّ ومن كل الأبواب يتلقاك، فلا تفتح.. له، فذاكا إبهار من التواضع، مُكتفياً فقط بما أوتيت من ملكات، لتفرد بهن العضلات.
فعن ابن أحد نسور الوطن وحفيد صقر الجزيرة..الشاعر المرهف، والطيّب الذي ترك كل ما يمكن أن يعلق بنا له..صفاؤه/ نفسه/ تعامله، وفوق هذا أحاسيسه المرهفة أن يشوبها ما يعكّر ذاك «المزاييك» الصافي الذي يخرج منه جماعه مشاعر بكلمات ترنمناها بيوم كان للشباب جذوة داخلنا..، واندفاع/
كل دارٍ تضمّك ليتها صدري
وكل عينٍ تشوفك ليتها عيني
أو...، هو..
الورد يأخذ من أوصافك جمال
ولا الورد لا لمح جمالك.. ذبل!
السؤال..من يجيد ترويقة كمثل هذا..؟
نحّينا هذه العذيبات حين تولّت تلك الحقبة، لنجد شاعرنا يأتينا ومن دون أن يزيدنا رهقاً يوم التفتنا لما عزف به للوطن وبأحلى الجُمل (فوق هام السحب..)
والتي لوحدها حلقت به قبل أن يحلّق بها..
فيصل شعره إلى كل الأذان
ليس (بدراً) فقط، فالبدر يظهر بالشهر مرّة بل بدور وبذور ينثرها قريضه فلا تجد ذائقة للشعر إلا وقد نبت له شيء في مراعيه، ونثر درر عينيه على سفح - خديه- مآقيه(ا)
أبو خالد اليوم يودّع أحبابه بعد أن رسم له بأفئدهم صورة لا تمحى، فالقرب من الآخرين ليس كلّ يجيده!، فكيف به وهو لم يقترب بشخصه فحسب، بل وبشعره الذي عزفت حبّه نوتة حباً له.
كان من خلال أحاديثه كأنه يخصّ كل مستمع لوحده أو طرّاً يناجيه، وذلك لإجادته سلاسة الطرح.. مما يظن سامعه أنه المفرد المخاطب، وهذه ميزة تجدها عند نوعية لا كلّ الشعراء، ممن تصدق بهم موهبة الشعر، بالذات وهو ينثر مشاعره على بساط من التواضع ووجه من الألفة التي تطمعك أنه يخصّك بما يقول، وهذا الذي يجعل من حديثه يذلغ سويداء القلب ثم زاد عليها فقيدنا - رحمه الله-
وووبوزن لتلك الكلمات لتعزف تأثيراتها بالقلوب قاطبة
توقف ذو العذب وأمسى بيننا ذكرى، وما أجملها وكم هو محظوظ من يودع بالآخرين أثراً يتنهدون وهم يرددونه وبلا شك عندها لن يبخلوا بالدعاء له وهذه غاية مُثلى.. لربما قليل من فطن إليها عدا نوعية من أمثال الراحل وقد خطاها بمراحل فقد أطر غالب من يذكره أن يدعو له وها نحن نقول ربي ارحمه بقدر جميل ما نحمل له وبقدر أثر ما أودع بنا.
فهو وديعة عادت لصاحبها ولا بد يوم أن تُردّ الودائع.. شئنا أم أبينا إلا ما أكبر من يأتي الأمر طيّعاً ولا يتردد فينزع إليه انتزاعاً.
رحمكم الله ابن عبدالمحسن فلكم أحسنت بقصائدك بل عقود نظمتها ثم على صدر الوطن وقد أودعها هناك كل من هزج بها وهو يتلمّس المفردات لما مُلئت به من معانٍ تفيض بحب حقّ لا مراء فيها ولا جدال.