عبدالله بن محمد حصوان بن قويد
أتقنت المملكة بكل جدارة واقتدار فن الدبلوماسية في أسلوب تعاملاتها مع الدول على مستوى العالم، وهو فن لا يجيده إلا القادرون الواثقون أصحاب المثل العليا، الذين يدركون بأن خير الأمور الوسط، وهو نهج سار عليه وطننا منذ التأسيس، اعتماداً على قناعته الكاملة بأن الخير يجب أن يشمل جميع سكان الكرة الأرضية.
لهذا عزمت المملكة منذ سنوات على العمل في المحافل الدولية بهدف استضافة المنتدى الاقتصادي العالمي، بحيث تصبح أرضها جامعة لكل الآراء والمواقف وحاضنة للفرص والمبادرات التي من شأنها أن تنقذ سكان هذه الكرة الأرضية من تبعات التحديات الاقتصادية والسياسية والبيئية التي تواجه العالم.
ولأن المملكة تقبل التحدي كما أبرزت تجربتها التنموية ونموذجها الإنساني عبر رؤيتها الطموحة 2030، فإن مجرد جمع صناع القرار والخبراء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم على أرضها لمناقشة المستقبل الذي يواجه البشرية والمخاطر التي تكتنفها هو تحدٍّ بحدِّ ذاته، تمهيداً لاختراقات في العديد من الملفات، حيث ستبرز مهارتها في تحقيق انسجام الدول والقطاعات ذات الأهداف المتغايرة، بما في ذلك الشمال والجنوب والشرق والغرب، فالمملكة شريك مقبول عند الكل.
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله -، رأى في كلمة وجَّهها إلى المنتدى الاقتصادي العالمي قبل أيام، أن التحديات الجيوسياسية والاقتصادية أحد أخطر التحديات التي تواجه العالم في هذا الوقت الراهن، وهو تحدٍّ سعت المملكة عبر استضافتها لهذا الملتقى إلى أداء دور إيجابي فعّال لتعزيز التنمية الشاملة للجميع، وتحقيق المرونة الاقتصادية المتكاملة، والعمل كقوة داعمة للاستقرار والازدهار والسلام في المنطقة والعالم على المدى الطويل.
يوم الاثنين الماضي، ولمدة يومين في «مدينة الرياض»، استضافت المملكة أهم ملتقى عالمي يركز على التصدي للتحديات الاقتصادية والسياسية والبيئية التي تواجه العالم، ملتقى كان عامل افتخار واعتزاز لكل المواطنين والمقيمين، ومحطة تاريخية، ترسخ دور المملكة في تعزيز التعاون الدولي والعمل كمحرك للنمو في إطار دورها كمركز اقتصادي عالمي في منطقة الشرق الأوسط وركن أساسي في منظومة التبادل التجاري العالمي، كما وصفه معالي وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم دور وطنه بأنه دور محوري لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة والعالم، والتوجه نحو بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
كان الوعد أن يكون المنتدى الاقتصادي العالمي محطة تسجل دور المملكة في بناء مستقبل أفضل للبشرية عندما التقى ممثلون عن 92 دولة وأكثر من 1000 ألف مشارك من كبار المسؤولين والخبراء الدوليين وقادة الرأي والمفكرين، من القطاعات الحكومية والخاصة والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية، إضافة إلى مشاركة عدد من رؤساء الدول، ليسجل الاجتماع بذلك أكبر حضور شهده المنتدى خارج دافوس.
قضايا البشرية على مستوى المملكة ليست ببعيدة عن واقع اهتمام القيادة الرشيدة - وفقها الله -، بعد أن استطاعت بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومتابعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عبر الرؤية السعودية 2030، أن تحقق منجزات كبيرة على جميع المستويات تطمئن بها أجيال المستقبل، وهو ما أكد عليه ولي العهد في كلمته بأن رؤية السعودية 2030 عبارة عن مسيرة، وليست وجهة نهائية، وبأن منجزات المملكة الحالية ليست سوى طور البداية، وينبغي فعل المزيد.
نعم.. المملكة تمكنت من قبول التحدي باستضافة الملتقى الاقتصادي العالمي، وهو ملتقى حمل بصمة سعودية واضحة، وستنجح مملكتنا الحبيبة في إحراز اختراقات سيكتبها التاريخ، هدفها بناء منظومة عالمية أقوى وأكثر متانةً واستدامة، عبر تعزيز الشراكة والتكامل.