سارا القرني
قبل عدة أشهر أطلقت وزارة الداخلية بالتعاون مع الهيئة السعودية للذكاء الاصطناعي (سدايا) وجهات حكومية أخرى (هاكاثون الزحام) لبحث أزمة الازدحام المروري بالعاصمة الرياض، هذه المبادرة كانت في منتصف فبراير الماضي تقريباً، شاركت فيها عدة جهات حكومية مثل وزارة الداخلية، وزارة الشؤون البلدية، وزارة النقل، سدايا، الهيئة الملكية للرياض وأمانة منطقة الرياض، وذلك لاستقطاب ألمع المبرمجين ومهندسي الذكاء الاصطناعي والتقنيين كذلك، وكل مهتم بمجال تحسين النقل محلياً وعالمياً، لابتكار حلول الاختناق المروري وخلق خطط تُوازِن بين الحاجة للتنقل والحفاظ على البيئة على حدٍّ سواء، والتفكير في حلول مرورية قابلة للتعديل والتطوير الدائم لتوائم المستقبلين القريب والبعيد ومتغيراتهما.
من المعلوم أن زيادة عدد سكان الرياض بين 15 إلى 20 مليون نسمة.. هو مستهدف تم المضي فيه بناءً على مبررات مقنعة وبنية تحتية تتحمل هذا الكم الهائل من السكان، إذ يمكن تحويل الرياض إلى عاصمة ذات اقتصاد مستقل.. وهذا الأمر يتطلب عدداً هائلاً من السكان وفرصاً استثمارية وبيئة جاذبة ومدينة قبل كل ذلك قابلة للتكيّف مع كل هذا، ولا شك أن الرياض التي تحتل المرتبة الـ 30 عالمياً في مؤشر المدن الذكية قادرة على ذلك، ولكن ينقصها حلٌّ جذريّ للاختناق المروري.. إذ يعتمد 90 % تقريباً من سكان الرياض على السيارات الخاصة، مع العلم أن آخر إحصائية في 2022 أشارت إلى أنّ عدد سكان العاصمة قد بلغ 8.6 مليون نسمة، وعند كتابتي لهذا المقال.. سجلت الرياض عدد (مليون مركبة) سارت في شوارعها خلال أسبوع واحد فقط، ورغم عدم صدور أي نتائج بعد هاكاثون الرياض.. إلا أنّ من المتوقع (حسب عدة تقارير صحفية) أن الرياض ستخفض تطلعاتها بشأن مستهدف عدد السكان ليصبح 10 ملايين نسمة بدلاً عن 15 مليوناً!
المقاطع التي بتنا نشاهدها يومياً للازدحام المروري في الرياض مقلقة، وحين يتندر البعض بهذه المقاطع.. تزداد لدى الكثير من الناس رغبة الانتقال من الرياض للإقامة في مدينة أخرى، حيث أوضح الكثيرون في وسائل التواصل الاجتماعي أنّ الرياض باتت بالنسبة لهم مدينة للعمل وليست للسكن!
منع الشاحنات من الدخول إلى بعض الطرق الهامة والرئيسية في الرياض بأوقات مختلفة.. ليس حلاً كافياً لتخفيف معاناة الازدحام المروري، إذ لا بدّ من التشجيع على ارتياد المواصلات العامة وفرض خطط معينة للتنقل سواء للطلاب أو الموظفين، وفرض المزيد من الرقابة المرورية عند التقاطعات والمخارج المتشعبة من الطرق.. كي تضمن انسيابية عبور المركبات فيها، وذلك برفع قيمة المخالفات على سبيل المثال، وزيادة عدد كاميرات الرصد الآلي في التقاطعات والمخارج.
في النهاية.. ننتظر جميعنا نتائج هاكاثون الزحام، وننتظر مشاركة واسعة من أبناء الوطن في وضع اقتراحات لفك هذ الاختناق، بعيداً عن إنشاء طريق دائري جديد داخل الرياض.. إذ لا تحتمل العاصمة تحويلات جديدة، وطرقاً مغلقة لمدة أطول!