مها محمد الشريف
عبر فترة طويلة من الزمن خسر الشعب الفلسطيني الكثير من الأحلام، والكثير من الضحايا من الأموال ومن الأنفس، باحتلال استمد شرعيته من حلفائه، فمازال المحتل يتوعد بتنفيذ عملية ضد حركة «حماس» في رفح بجنوب القطاع التي تؤوي نحو مليون نازح فروا من القتال في الشمال وتكدسوا في ملاجئ ومخيمات مؤقتة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
من هنا، نستطيع القول إن الصراعات والاختلافات حلولها في علاقة توازن القوى، سواء في الصراع أو التوازن القائم دائماً على الحقوق والواجبات تجاه الدول المنكوبة وحرمانها من سيادتها وسلطتها، والقرار الحيادي قد يغير على المدى البعيد علاقة القوي لصالحه، أو على الأقل أن يتحول إلى طرف في هذه العلاقة، والقوة هنا في المشهد منحازة لإسرائيل، وبذلك تكون في نهاية الأمر تعني القدرة على خرق المعاهدات وعدم احترامها.
هكذا نجد أن أي توغل إسرائيلي سيفتك بآلاف الأرواح ويطيح بالعمليات الإنسانية في قطاع غزة بأكمله، والأمم المتحدة تحذر من «مذبحة» في رفح حال اجتياحها، و»الصحة العالمية» تؤكد تجهيز خطة طوارئ، بعد أن كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إصراره على شن هجوم بري على مدينة رفح، وأكد أن اليهود «سيقفون بمفردهم» إذا اضطروا إلى ذلك في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للدولة العبرية بسبب الحرب في قطاع غزة.
إذن، العداوة ليست قتالية بشكل حتمي، كما قال «شميث» فالحرب نتيجة للعداوة، والعداوة ترفض وجود الآخر، فالحرب ليست سوى التعبير الأكثر تطرفاً للعداوة، والشرق الأوسط يعاني من تحديات كبيرة، من أجل تحقيق السلام الدائم في فلسطين، وإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وإيقاف العنف ضد الشعب، والخروج من مأساة الحرب بين إسرائيل وحماس، وتخفيف حدة التوتر في المناطق المضطربة، إبعاد مأساة الحرب عن السكان، وتهيئة الظروف لسلام مستدام بعد أن يتم التوصل إلى التسوية. واتخاذ تدابير إنقاذ وعقوبات صارمة إذا لم تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية، حتى لا يبدو أن كل شيء يعزّز للحرب تعزيزاً كبيراً.
بعد تكاليف باهظة لهذه الحرب التي قتلت وهجرت الآلاف، تبنى مجلس الأمن الدولي قراره الأول الذي يطالب فيه بوقف فوري لإطلاق النار» في غزة. علماً أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت بعدما عطلت محاولات سابقة لإصدار قرار عبر اللجوء إلى حق النقض (الفيتو). فمنذ بدء الحرب في غزة، تمكن مجلس الأمن الدولي من إصدار قرار، حمل الرقم 2728 يطالب «بوقف فوري لإطلاق النار».
إن المفاهيم والأهداف واضحة ومتطابقة مع متطلبات صون الأمن والسلم الدوليين، مهما كانت المستجدات بمساعدة البلدان والمناطق في الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلام، والحد من مخاطر انزلاق أي بلد في العودة إلى الصراع من خلال تعزيز القدرات الوطنية لإدارة الصراع، وإرساء أسس السلام والتنمية المستدامة، فتلك الإدارة العميقة عليها تحمُّل المسؤوليات القديمة والجديدة، مهما تجددت القرارات، وأن يكون لها دور أساسي في فهم مسيرة السلام ودعم إصلاح قطاع العدالة والأمن؛ وتعزيز حماية حقوق الإنسان، وتعزيز المصالحة بعد وقوع الفظائع الماضية والدمار الذي لحق بغزة وشعبها وباقي مدن فلسطين ، فهناك حقائق لا يمكن تبريرها في الحياة أو التعايش معها.