هناء الحمراني
ظهرت في الآونة الأخيرة مقارنة بين الموظف الذي يحترف تخصصًا واحدًا ولا يملك أية معرفة بأي تخصص آخر وهو الموظف I، والموظف الذي يحترف تخصصًا واحدًا ويملك معرفة سطحية بالتخصصات الأخرى وهو الموظف T، والموظف الذي يحترف تخصصين وكلاهما ينبعان من مجال واحد وهو الموظف V، والموظف الذي يحترف عددًا من التخصصات، وفي الوقت ذاته لديه معرفة سطحية بتخصصات أخرى وهو الموظف M وسأسميه الموظف عابر التخصصات.
ومن خلال قراءة عدد من المقالات وجدتُ أن هناك ميلًا لهذا النوع من الموظفين، فهو شخص قوي علميًّا ويمتلك المهارات التي تمكنه من القيام بأعمال عديدة تتطلب فريقًا.
ومن وجهة نظري المتواضعة، فإن جميع أنواع الموظفين مطلوب، ما عدا الموظف I؛ فهو يجهل ما حوله، ولا يملك القدرة على رؤية العلاقة بين ما يقوم به وما سيقوم به الآخرون لإنجاز العمل، ولا يمكنه التكامل مع غيره إلا إذا كان هناك من يقوده.
أما الموظف T فهو جيد في بداية الحياة المهنية، وفي التخصصات النادرة والصعبة وعالية الطلب في سوق العمل، كالمتخصص في مجال علم البيانات، والذكاء الاصطناعي، وغيرها. ومن الضروري أن يكون في أقل حالاته الموظف T، حتى تكون لديه معرفة بسيطة بالمجالات المكملة لمجاله، مما يتيح له معرفة موقعه من الإعراب، وكيف سيؤثر المنتج الذي سيقدمه على المخرج النهائي كاملًا.
وفي نفس السياق يمكنني أن أشجع وجود الموظف V، إذا كان كل عمله مهما تنوعت التخصصات في مجال واحد.
أما الموظف M، فأرى أنه الصورة التي ينبغي أن يكون عليها بدءًا من منتصف حياته المهنية، حيث تكون سنوات عمله الماضية فرصة لتعلم المعارف والمهارات الجديدة، واستخدامها في مجال عمله. وهذا النوع من الموظفين قادر على أن يصبح مديرًا، ومديرًا عامًا، ورئيسًا تنفيذيًّا، وأعلى، وأعلى.
هناك جانب مهم يحتاجه الموظف لكي يكون احترافه لعدد من التخصصات ذو معنى، وقابلًا للتوظيف، وممهدًا للترقي في المناصب الوظيفية، وهذا الجانب هو المهارات الناعمة، كالإنصات، والتعاطف، والقدرة على رؤية الصورة الكاملة، والتفكير الاستراتيجي، والعمل الجماعي.
بدون هذه المهارات لن يتمكن عابر التخصصات من توظيف معرفته وخبراته، وسيصبح ما يملكه حبيس جسده، ولا يتعدى أثره إلى منظمته.