رشيد بن عبدالرحمن الرشيد
رحل مجموعة إنسان اسمه بدر بن عبدالمحسن.. مهندس الكلمة ومستودع المتعة الشعرية
التي لا تنضب.. وبرحيله سنفتقد تلك المشاعر والأحاسيس التي تحمل بصمة البدر، كما
فقدنا تلك الابتسامة المرافقة له.
أمير شاعر وسليل ملوك.. لكنه يحمل التواضع الجم، وقلبه مسامح للجميع أبيض لا يعرف
الغضب.. هكذا يروي الشاعر ناصر السبيعي القريب منه.. بل يضيف إن البدر إنسان مختلف
عن البقية في تعامله.. إنه ظاهرة لن تكرر.
شاعر سكن الوطن في وجدانه..فشغل حيزاً من مسيرته الشعرية سواء الشعر المغنى حينما
أتحفنا بعدة مقاطع شعرية وجدت الصدى المحلي والعربي ولو طرحنا نماذج من العشق
والتغني بالوطن وأرضه وترابه نقف مع قمة الإبداع أمام نظمه قائلاً:
فوق هام السحب لوكنت ترى
فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى
وفي مقطع آخر نرى الفخر والعزة بالانتماء إلى الأرض الطاهرة حينما قال:
أنا من هالأرض أمي الصحراء
أحضنتني رمالها ورتويت بطهرها
صدق البدر فتبقى علاقتنا بوطننا فطرية مهما ابتعدنا فيعاودنا الشوق إليه والحنين
إلى صحرائه؛ فهي جزء من نسيجنا.. ناهيك عن طهر المكان وشرفه الديني بوجود الحرمين
الشريفين.
أن تستمع إلى الراحل البدر وهو يلقي قصائده في أمسية شعرية فتلحظ تفاعله.. وتعابير
وجهه تقرأ فيها حماسه ولاسيما إذا كانت قصائد تعبر عن الوطن وقيادته الرشيدة
.. والبدر إذا نثر إبداعه تعطلت لغة الكلام.. وجاء فن الإنصات.. شاعر أبحر في حب
بلده ومليكه سلمان فجاءت قصيدته الأجمل بقوله:
يادار ياللي داخل القلب رسمك
وقصيد فرسانك وسيرة قبايلك
وكحل العيون اللي بها شع نجمك
ولون الخضاب اللي تضمه أناملك
وإستمر يرسم إبداعه الشعري إلى أن قال:
سلمان واختر وش تبي اليوم قسمك
من الفخر والمجد واختر منازلك
الملك يزهى لي ذكر قبل أسمك
وإلا أنت ما تسبقك الألقاب والملك
أما قصيدته التي وسمت (جمرة هل العوجا) والتي تحدثت عن إستهداف المملكة العربية
السعودية من قبل أفراد وجهات معادية.. فبدأها بقوله:
ما نيب عن هرج المعادين نشَّاد
عجاجةٍ جانا المطر من وراها
وان جدّد الظالم مزاعمه وش عاد؟!
هذا هوى نفسه وهذا جداها
واستمر في صناعة إبداعه إلى أن قال مخاطباً الأمير محمد بن سلمان ولي العهد:
يا محمدٍ حييت يا نسل الأمجاد
جمرة هل العوجا وشعلة ضياها
يا محمدٍ حييت من روس الأشهاد
بقولها وأفرح بردّت صداها
حنّا نشوف الصبح من قبل ينقاد
في مفرقك والشمس غضٍ سناها
هذا غيض من فيض لوطنية البدر.. في وجدانه ومشاعره ترجمتها قوافيه.. وكأنه يوصي
الشعراء أن يبحروا في ترجمة حبهم وانتمائهم.. ولسان حاله الوطن يحتاج منا الكثير
.. صمت البدر لكن بقى إرثه الشعري عبق عاطر.. ومحطة للسعادة والأنس..ودواوينة
واحة فواحة لمحبي القصيد وهواة الشعر ومن يرغبون تطوير ملكة الإبداع..
رحمك الله أيها الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن وأسكنك فسيح جناته.. وأحسن الله عزاء
أسرتك بك..جبر مصابهم وعظم أجرهم والعزاء لمحبيك داخل الوطن وخارجه، والذين
عبروا عن مواساتهم وحزنهم برحيلك.. لكن لا نقول إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- الرس