أجرى الحوار - عوض مانع القحطاني/ تصوير - التهامي عبدالرحيم:
عندما تتنقل من مكان إلى مكان، فإن هذا يدل على نجاحاتك ويدل على ثقة المسؤولين في مسيرتك.. الأستاذ إبراهيم بن محمد القدهي واحد من أبناء القصيم - عنيزة تحديداً - تقلد العديد من المناصب القيادية في الدولة، وخرج من الوظيفة والكل يثني على مسيرة وأخلاق هذا الرجل الطيب.. رحلتنا في هذا اللقاء مع هذه الشخصية التي ساهمت في مسيرة مليئة بالإنجازات والتجارب الناجحة خاصة العمل مع الطلبة السعوديين في الخارج وهي عملية شاقة ومتعبة فإلى الحوار معه..
• حدثنا عن مسيرتكم في العديد من الدول التي عملت بها؟
* أول رحلة لي مع أسرتي كانت للعراق الشقيق فكان التعامل طيبا، وهناك ناس محترمون ومتفهمون، وقد عملنا في هذا البلد الشقيق العديد من المشاريع الثقافية والتعاون، وكذلك في إيران لم تكن في ذلك الوقت هناك كراهية أو نشر الطائفية، فكان هناك طلبة سعوديون يدرسون في إيران خاصة في مجال الطب وكنت حريصاً على الطلبة الذين يدرسون في الخارج لأنهم عماد الوطن بعد الله من حيث استقرارهم باعتبارهم ثروة، ولابد من الحفاظ عليهم، فكان هناك تحد ومعاناة للحفاظ على مسيرة هؤلاء الطلبة سواء بنين أو بنات وخصوصا البنات حيث نسعى أن تكون أمورهن ميسرة ونذهب إلى البلدان التي يكون فيها طلبة لنا للتعرف ما إذا كان هناك أي مشاكل -والحمد لله- لم يكن هناك أي مشاكل لا في العراق ولا في إيران وحتى في تركيا وسوريا والكويت ومصر ولبنان، كل هذه البلدان لنا علاقات جيدة معها ورحبوا في استقبال الطلبة السعوديين في جامعاتهم.. واليوم -الحمد لله- انظر كيف تحولنا من تحويل أبنائنا للدراسة في الخارج إلى أن لدينا جامعات عملاقة فيها كل التخصصات، وهناك آلاف الطلبة الأجانب يدرسون في جامعاتنا.. هذه نعمة من الله علينا.. المملكة اليوم نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات التي نفاخر بها..
• هل كنت مرتاحاً في علاقاتك مع المبتعثين؟
* أقول لك أنها من أسعد أيام حياتي التي كنت مع الطلبة السعوديين في الخارج فقد كانت علاقاتي معهم أبا يتابع أبناءه لحظة بلحظة، وهذه العلاقات امتدت معي، وأنا خارج الخدمة وهذا هو الأثر الذي يبقى للإنسان في التعامل مع الناس، وكنا في الواقع نجد كل الدعم من الحكومة ونجد المتابعة من سفرائنا في هذه الدول.
• ما هي التخصصات التي كان يدرسها الطلبة السعويون في ذلك الزمن؟
* أكثر الطلبة الذين كانوا يدرسون في ذلك الوقت هي مجالات الطب فقد كان عليه إقبال..
• متى كان أول دفعة طلبة وطالبات تم تخرجهم؟
* عندما كنت مسؤولاً عن البعثات الخارجية في وزارة المعارف في عهد وزير المعارف في ذلك الحين الشيخ حسن آل الشيخ تم تخريج أول دفعة من المبتعثات من باكستان خاصة أننا نجحنا في التغلب على مصاعب ابتعاثهم ولكن كانت التجربة ناجحة، ولم يكن هناك أي مشاكل حدثت لهن خلال الدراسة بل وجدنا كل التعاون من الجامعات في الدول التي يدرس فيها الطلبة السعوديون.. وكان تخريج هذه الدفعة الأولى.. جعلت الناس يقتنعون إلى إرسال بناتهم للدراسة في الخارج بعد أن كان هناك رفض.
• كيف كان دور السفراء في متابعة شؤون الطلاب؟
* الواقع بأننا حظينا بسفراء في قمة الأخلاق والتعاون والحرص على الطلبة ومتابعة شؤونهم، حيث كان هناك متابعة دقيقة وحل ما يعترض طريقهم، وكان هناك تواصل بينهم وبين المسؤولين الكبار في هذه الدول، وقد ساهموا إلى جانب الملحقيات الثقافية في تخريج العديد من الطلبة والطالبات..
• هل واجهت أي مشكلة من طلاب وطالبات لا يرغبون في مواصلة الدراسة في الخارج؟
* أبداً خلال عملي مديراً للبعثات في الخارج أو عملي ملحقا ثقافيا لم تصادفني أي مشكلة لرفض أحد الطلاب أو الطالبات إكمال تعليمهم بل جميع من تم ابتعاثهم تخرجوا بكل يسر وسهولة.
• كيف تقرأ مسيرة البعثات في الماضي وما يحصل حالياً؟
* في الزمان القديم لم يكن هناك رغبة كبيرة للدراسة في الخارج.. وأكثر دولة يرغبون الدراسة فيها في ذلك الوقت (مصر)، أما اليوم فقد تطور المفهوم فأصبح هناك ثقافة عالية عند الناس وحب التعلم.. وتوسعت الدولة ووضعت تنظيما لعدد التخصصات المطلوبة والجامعات واتفاقيات مع الجامعات في الخارج، وهناك فرق واسع في عدد الموجودين من طلبتنا الذين يدرسون في الخارج..
• هل كان هناك توجه حكومي لإرسال طلبة للخارج في ذلك الوقت؟
* الحكومة في ذلك الوقت كانت حريصة كل الحرص على ابتعاث أكبر عدد من الطلبة للدراسة في الخارج، وكانت مهتمة حتى بمن يريدون إكمال دراستهم في مجالات عدة للحصول على أعلى الشهادات، وكان وزير المعارف في ذلك الوقت الشيخ حسن آل الشيخ يعطي هذه التوجيهات أولوية، والمشكلة كانت في إقناع الناس أنفسهم خاصة في مجال تعلم المرأة.
• هل استطعنا أن نوصل رسالة للدول من خلال الملحقيات الثقافية ومن خلال طلبتنا في الخارج؟
* نعم أصبح الطلاب والطالبات هم سفراؤنا في الخارج هم ممثلونا في عاداتنا وحضارتنا وأخلاقنا، وأسسوا بصورة واضحة عن المملكة صورة مشرقة، والملحقيات الثقافية هي الأخرى لها مساهمات وعليها دور، هناك أنشطة تقام في هذه الدول فيها الكثير من العادات الطيبة وواصلوا اطلاع العالم على الواقع.
• ما هو القرار الصعب الذي اتخذته وندمت عليه؟
* هناك بعض الأخطاء الإدارية البسيطة ولكن لم أندم على أي قرار اتخذته في حياتي.
• القرار الذي تمنيت أنك اتخذته قبل التقاعد؟
* كان لدي أفكار تطويرية، ولكن لم تكن من صلاحياتي وتمنيت أني عملت عليها..
• ما هو القرار الذي تعتز به وتفتخر به؟
* أهم شيء أعتز به هو مشروع ابتعاث الطالبات للخارج للدراسة وهو مشروع ناجح رغم الصعوبات خاصة أنني عانيت من هذا المشروع الكثير حتى خرج إلى النور.. كذلك تطوير العمل الإداري في وزارة الإعلام في عهد وزير الإعلام محمد عبده يماني، وكان لي تجربة أعتز بها في وزارة الإعلام وقد وجدت الدعم من كافة المسؤولين في الوزارة.
• من هو أفضل وزير إعلام مر على الوزارة؟
* لا أستطيع أن أرشح أحداً ولكن أقول أنا عملت فقط مع وزير الإعلام محمد عبده يماني وكانت سنوات جميلة.
• وكيف كانت علاقة وزارة الإعلام مع الصحف في ذلك الوقت؟
* كانت علاقة جيدة وطيبة، وهناك دعم ومتابعة من قبل الوزارة، وهناك اشتراكات فموقف وزارة الإعلام في ذلك الوقت كانت قوية مع الصحف المحلية.
• هل تتوقع أن تموت الصحف الورقية؟
* لا أعتقد أنها سوف تموت ما زال هناك جيل يحب رائحة الصحف ويعشق قراءتها، ولن تحتضر على المدى القريب، بل سوف تواصل رسالتها ولكن عليها تطوير محتواها، هناك كثير من الدول المتقدمة والمتطورة مازالت الصحف الورقية تصدر بها وعليها إقبال وتؤدي دورها والصحافة المحلية لدينا فيها مصداقية وفيها انضباطية ولها طعم خاص وتشجع الإنسان لكي يتعود على القراءة.
• كيف ترى المتغيرات السياسية في المملكة مع العالم الخارجي؟
* علاقات دولتنا بدول العالم مبنية على المصالح المشتركة، ونظرتنا متوازنة وهادئة وذات بعد، والعلاقات هي الند للند ومصالحنا اليوم تمر بطريقة إيجابية من خلال الحوار والتفاهم والمصالح المشتركة مع غيرنا.
• كيف تنظر إلى رؤية المملكة؟
* أنا مؤمن بقيادة بلدي وبهذا المشروع الوطني الذي أشرف عليه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وهذه الرؤية هي رؤية واقعية ليس عندنا خيال أو تخمين وإنما لدينا دراسات معمقة وقادتنا يمشون بخطوات مدروسة وأصبحنا نموذجا لكثير من الدول في تجربتنا ورؤيتنا.
• كيف ترى وجود المملكة ضمن مجموعة الـ20؟
* المملكة يعول عليها كثيراً في نظر العالم وأصبح لدينا اقتصاد قوي وأصبح لديها سياسة واضحة وهي من أكبر الدول التي تدعم وتساند المحتاجين والمنكوبين في العالم فهي بحق تستحق أن تكون في هذه المجموعة.
• كيف ترى السياحة في المملكة؟
* السياحة لدينا تحسنت كثيراً، وأصبح هناك انفتاح مع العالم الخارجي، وأصبح هناك إجراءات سهلة لمن يريد أن يرى ويزور المملكة أصبح لدينا أماكن سياحية وأثرية أصبح لدينا مواقع تراثية ذات مستوى عال، وهناك متاحف وهناك أهم شيء الحرمان الشريفان لا ينقص بلدنا شيء.
• وماذا عن اللحمة الوطنية؟
* تغيرت النظرة عند المجتمع السعودي وأصبحت العلاقات بين الأسر السعودية قوية، وهناك تراحم بين المجتمع، وهناك لحمة وولاء للبلد والقيادة لا مثيل لها.
• كيف تجد التقارب بين الأقارب؟
* أجد أنه في الماضي أقوى بكثير من الآن.. كان هناك ترابط قوي بين الأسر وأسأل الله أن يصلح القلوب، وأن يدرك الناس أهمية الزيارات بين الأقارب والجيران والأصدقاء والأحباب.. فالتواصل مهم..
* * *
السيرة الذاتية
إبراهيم بن قدهي بن محمد القدهي من أهالي القصيم ولد في مكة المكرمة بتاريخ 5 شعبان 1353هـ حصل على بكالوريوس (ليسانس) آداب قسم اجتماع من جامعة القاهرة عام 1964م بدأت خدمته في الدولة في 1 محرم عام 1370هـ بمديرية المعارف العامة آنذاك.
في عام 1375هـ شغل منصب مدير لمكتب مدير عام التعليم في وزارة المعارف، عمل في الملحقية الثقافية السعودية بالقاهرة حتى عام 1386هـ ثم تولى منصب مدير البعثات الخارجية بوزارة المعارف حتى 1386هـ تم تعيينه مستشاراً ثقافية في إيران وتركيا وباكستان لمدة 3 سنوات، ومن ثم مستشاراً ثقافياً في العراق والكويت لمدة ثلاث سنوات، بعدها عمل مساعداً للمديرالعام للإدارة بوزارة المعارف لمدة سنتين، ومن ثم انتقل للعمل في ألمانيا كمستشار ثقافي هناك لمدة سنة، عمل كذلك مستشاراً ثقافياً في لبنان وسوريا لمدة 3 سنوات، ثم بعد ذلك تم تعيينه وكيلاً لوزارة الإعلام للشؤون الإدارية من عام 1396هـ وحتى عام 1414هـ وآخر منصب تولاه كان عضو مجلس الشورى في دورة مجلس الشورى الأولى عام 1414هـ لمدة 4 سنوات.
عمل على تغيير منهجية ونمطية العمل الإداري في وزارة الإعلام عنداستلامه منصب وكيل الوزارة للشؤون الإدارية لخدمة العمل الإعلامي وذلك بعد جهد كبير في العمل على تغيير المفاهيم المعمول بها آنذاك واكتساب مهارات وطرق جديدة لدعم الإعلام..