رقية سليمان الهويريني
تفضَّل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بإضافة صفحة أخرى من المكارم لشعبهما النبيل بإقرار عقوبة التشهير بالمتحرِّشين بعد صدور نظام مكافحة جريمة التحرّش، وهذا بلا شك يعد صيانة للمجتمع وحفظاً لخصوصية الأفراد وحريتهم الشخصية.
وجاء القرار شاملاً وليس مقصوراً على النساء فقط، بل حتى على الرجال والأطفال والقاصرين وذوي الاحتياجات الخاصة، والمتأخرين ذهنياً وجسدياً، ومن هم تحت تهديد ما، وكل من وقع في قبضة معدومي المروءة.
ويتماهى النظام مع أحكام الشريعة الإسلامية، فهو لا يهدف لتطبيق العقوبات على المتجاوزين فحسب، بل يسعى لمكافحة جريمة التحرّش والحيلولة دون وقوعها، فضلاً عن حماية المجني عليه من خلال فرض عقوبات على الجاني تتضمن السجن أو الغرامات المالية أو كليهما بالإضافة إلى التشهير به عبر وسائل الإعلام.
ويأتي قرار تجريم التحرّش والتشهير بممارسه رداً على أولئك الذين يصرون على أن المرأة هي السبب الأول للتحرّش، نتيجة لإغرائها الرجل وعدم احتشامها، فلا يملك نفسه فيضطر للتحرّش بها! فقد جعلوا الرجل بمنأى عن العقوبة وكأنهم يبرروا له شروعه بهذه الجريمة بدعوى التبرّج! والله تعالى أمر الرجل بغض البصر وعدم إطلاقه في النظر للحرمات قبل أن يأمر المرأة بالحشمة والستر! وهذا الرأي الأعوج يهدف لإبقاء المرأة بحالة خوف وهلع من المُتحرّش فتفضِّل عدم الخروج نهائياً؟ وربطه بالتبرج يدل على قصر نظر بعيداً عن الشرع والإنسانية، كما أنه يربي الرجلَ ليكون عديمَ الخلق والأدب والمروءة.
والحق أن التحرّش إحدى الممارسات الإرهابية في المجتمع وإخلال بالأمن لذا كان لا بد من التدخل الحكومي والتعامل مع الفاعل بالحزم والعقاب والتشهير به، ومضاعفة العقوبة حال تكرارها والاعتداء على حرمة الآخرين جسدياً أو لفظياً.
ويأتي إقرار هذا النظام ليكبح جماح المتحرّش ويعطي المرأة الثقة بنفسها والشعور بالأمن كي تتمكّن من المضي في تحقيق أهدافها ومشاركاتها في تطوير نفسها ورقي بلدها.