د.شريف بن محمد الأتربي
جميع الجهات التي تقدم خدماتها للمواطن تعمل على الحصول على تغذية راجعة من المستفيدين، بحيث توضح مدى جودة الخدمة المقدمة له، سواء كانت هذه الخدمات صحية، أو حكومية أو أي نوع من الخدمات، حتى شركات القطاع الخاص تحرص كل الحرص على التعرف على آراء المستفيدين من أجل تقييم الأداء، وقياس تجربة العميل للعمل وذلك بهدف تقديم الخدمات بكفاءة وجودة أعلى، بل وتمتد هذه التغذية الراجعة لتشمل شخصية الموظف نفسه، وتعتبر النتائج جزءاً لا يتجزأ من تقييم الأداء الخاضع له.
والتعليم واحد من أهم الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن منذ صغره، حيث تستمر علاقته به منذ سن الرابعة وحتى التخرج من الجامعة، فيما يتراوح ما بين 16- 18 عاماً تقريباً، وتحرص أغلب الجامعات على أن يقوم الطالب بتقييم معلمه، والمقرر الدراسي أيضاً، ويشترط لظهور نتيجته أن يقوم بعملية التقييم، ورغم تحفظي على هذه الطريقة لما بها من تراخ من بعض الطلبة، حيث يقوم أغلبهم بتعبئة نموذج التقييم بأسرع ما يمكن دون قراءة عناصر التقييم، مانحاً معلمه الدرجة القصوى، مما يخل بهدف التقييم ذاته، ورغم ذلك يظل وجود تقييم أفضل من عدمه.
وفي التعليم العام؛ غالباً ما يتم جمع الآراء من خلال خدمة تواصل، أو من خلال أولياء الأمور، ونادراً؛ بل ويكاد يكون منعدماً الاستماع إلى صوت الطالب نفسه فيما يقدم له من برامج تعليمية، وترفيهية، وكذلك رأيه في معلميه.
إن الاستماع إلى صوت الطلاب في العملية التعليمية هو جانب مهم جداً في تحسين تجربة التعلم وتعزيز فعالية التعليم، فمن خلال الاستماع لأصواتهم يمكن للمعلمين فهم احتياجاتهم واهتماماتهم وتحسين طرق التدريس والتعلم، كما أنه يعزّز شعورهم بالمشاركة والانتماء ويساهم في تحسين تجربتهم التعليمية، فأهمية الاستماع إلى صوت الطلاب في العملية التعليمية لا تقتصر على معرفة احتياجاتهم وتلبيتها فحسب، بل تمتد أيضًا إلى تعزيز التعلم النشط والمشاركة والتفاعل.
حين نتكلم عن أبداء الرأي فنحن نتكلم عن مهارة من مهارات القرن21، نتكلم عن مهارة التفكير النقدي، حيث نشجع طلابنا من خلاله على التفكير النقدي العميق والتحليلي، حيث يتعين عليهم تقييم المعلومات والأفكار والحقائق بشكل منطقي ومنتقد. إنه يساعدهم على تطوير قدراتهم على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة، ويساعد على تكوين آراء واعتقادات مستنيرة.
وتشترك مهارة التحليل أيضا مع مهارة التفكير النقدي في مدى أهميتها لمستقبل أبنائنا الطلاب، فمن خلال إبداء الرأي سيمارس الطلاب مهارة التحليل مما سيساعدهم مستقبلا على فهم السياق العام وربط المعلومات المتنوعة، كما ستساعدهم أيضا على تحليل العلاقات والروابط بين الأفكار والأحداث والمعطيات المختلفة، مما يمكنهم من تشكيل صورة أكثر اكتمالاً واتساقاً للموضوع الذي يتم دراسته أو التحقيق فيه، وعليه يمكنهم اتخاذ القرارات الإستراتيجية. فمهارة التحليل المتأني والمدروس يمكن أن يساعد في اتخاذ القرارات الإستراتيجية المهمة. يمكن استخدام المعلومات المحللة لتقدير التأثيرات المحتملة للاختيارات المختلفة وتحديد الخيار الأفضل الذي يحقق الأهداف المنشودة.
في عالمنا الجديد المتغير بسرعة من يمتلك المعلومة هو القادر على اتخاذ القرار الصحيح، ومشاركة الطلاب في عمليتهم التعليمية سيتيح لصاحب القرار كم هائل من المعلومات التي تظهر له مدى صحة القرار، ومن هم المتأثرين منه سواء سلباً أو إيجاباً، لذا يجب أن تعمل وزارة التعليم على إيجاد وسائل لجمع آراء الطلاب بصورة صحيحة، وتحليلها، ودراستها دراسة متأنية قبل اتخاذ القرار، ولا يجب مطلقاً النظر إليهم على أنهم أطفال، ففي وقتنا هذا نحن الأطفال وهم الكبار بما يملكون من التقنيات والمهارات والمعارف التي ربما نعجز نحن الكبار عن الوصول إليها أو معرفتها، إنه عالمهم هم ونحن ضيوف عليهم، لذا وجب على الضيف احترام رأي مضيفه، وقبول وجهة نظره فيما يطرح من آراء.