فضة حامد العنزي
ما معنى أن تؤثر الآخرين على نفسك ولو كان بك خصاصة؟ ما معنى أن تضحي من أجلهم؟ ما معنى أن تملأك الرحمة وتحويك الكرامة الإنسانية؟ ما معنى أن ترأف بالآخرين؟
النزعة الطيبة والنيات الحسنة والأفعال الجميلة والإيثار أمورٌ توجد فيمن يصطفيه الله من خلقه، يغرس الله فيهم حب الخير، ويحبّب الناس وملائكته فيهم، ويسخّر لهم تيسير أمورهم، وينفع بهم ويدبّر شؤونهم، ويعتني بهم خير اعتناء وأفضله!..
من يعمل الخير ويقدّم يد المساعدة، ويجبر كسور المنكسرين، ويداوي جراح المجروحين، ويلملم شتات التائهين، ويبني آمال المحبَطين، ويفكّ كرب المهمومين، ويسعد قلوب الحزينين، ويرسم الابتسامة في وجوه المتعَبين.. من يفعل ذلك وأكثر مخلصًا لله.. فسيجد طعم السعادة في لسانه؛ وسيتذوق لذة الأُنْس في قلبه.. سيكون مبارَكًا مرتاح البال مُعْمِلًا عقله بما يرضي الله.. ستُفتح له الأبواب؛ وستخضرّ له الأرض؛ وستمطر عليه السماء؛ وسينبت في أعماقه الودُّ والحب والرحمة والإحساس الجميل.. سيشعر أن قلبه يحلّق عاليًا في الأجواء الممطرة.. يتبلّل بالعطاء؛ والإيثار والكرم؛ والسخاء والنبل؛ والرقيّ والتواضع؛ والشجاعة والشهامة؛ والطاعة والعبادة.. وسيشعر بزخات المطر وهي تغسله وترقّقه.. سيشعر بخفةٍ والأثقالُ قد انزاحت عنه.. سيشعر بالأُنْس الحقيقي كشعور الارتواء البارد بعد عطش الرمضاء.. سيشعر وكأنه مَلَكَ الدنيا وكأن كنوز الأرض بين يديه.. وكأن كل الملذات المباحة متاحة له.. سيشعر بالفرح يملأ رئتيه ويحلّق سعيدًا ويستنشق الهواء العليل ويتلذّذ بالعيش الرغيد.. ويأخذ أيامًا أو أشهرًا أو حتى دهرًا والسعد في قلبه.. هذا شعور كل الخيرين الرحماء وأكثر.
نعيش في وطننا الطيّب وفي مجتمع غلب فيه الكرم والأصالة والشهامة، ومدّ يد المساعدة، ووجود روح الإخاء بينهم وفي تعاملهم مع غيرهم في وطن يحفُّه الأمان والرخاء والعيش الرغيد بفضل الله سبحانه، ثم بفضل ولاة أمرنا الكرام أيَّدهم الله وحفظهم.
تربَّينا في الأرض الرحبة المعطاء.. نشأنا وركائزُنا صُلْبَةٌ، فعقيدتنا الإسلامية الصافية منهجُنا، وإسلامنا سلوك حياتنا، وإيماننا عزُّنا، وإحساننا رفعتنا.. رجاءَ سعادتِنا في دنيانا وفي آخرتنا وما نلقاه عند الله..
نحن في الأرض التي فيها ولاة أمرنا الذين يعطونك ولا يمنّون عليك، ويمنحونك ولا يمنعونك، ويقدّمون لك ولا يؤخّرون عنك، ويعزّونك ولا يذلّونك، ويسهّلون لك ولا يصعّبون عليك، ويرفعونك ولا يبخسونك بإذن الله وفضله.. هذا عندما تكون وفيًّا لوطنك صادقًا في حبّك للدين ثم للوطن مخلصًا لهم وتعمل بصدق؛ فلهذا أصبحت قلوبنا رحبة معطاءة.. والكثير الكثير من المحاسن بلا حصرٍ ولا عدٍّ وقدْ غمرتْنا النعم الغزيرة كأرضنا الشمّاء المبلَّلة بالخيرات من الله ما شاء الله.
النيّاتِ النيّاتِ.. فاصْدُقوا وأخلصوا وآمنوا واتقوا وأحسنوا؛ لتنجوا وتجدوا وتحقِّقوا وتكرَموا وتَصْفوا فتسعدوا..
النيّاتِ النيّاتِ.. فقدِّموا ولا تندموا؛ لتثمروا وتؤجَروا..
النيّاتِ النيّاتِ.. فاعملوا بما تعلّمتموه وطبِّقوا العلم الصحيح من خلال أعمالكم..
النيّاتِ النيّاتِ.. عليكم بكتاب الله وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تَحيدوا عن الطريق الصحيح..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تُبْدوا الغيظ وتُضمِروا الحسد؛ فيضركم..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تكذبوا الحديث؛ فتصبح لكم عدة أوجه للنفاق..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تسعوا في فساد أو دمار؛ فتبكوا دمًا في يومكم أو في يوم الحساب وتعضّوا أيديكم..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تخرِّبوا؛ فتتشوّهَ محاسنُكم..
النيّاتِ النيّاتِ.. فعمّروا واغرسوا؛ لتنالوا وتَسْعَدوا؛ وأيضًا لتُسعِدوا مَن حولَكم..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تعملوا رياءً وسمعة؛ فتحبطَ أعمالكم أو تنقصَ درجاتكم..
النيّاتِ النيّاتِ.. فاتقوا الله؛ لتجدوا مخارج واسعة محبَّبة..
النيّاتِ النيّاتِ.. فاحذروا تبدُّل أحوالكم واثبُتوا على دين الله..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تأمنوا ثباتكم وادعوا الله ألا تنقلبوا سوء المنقلب..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تنجرفوا وراء الأقوال الباطلة؛ واستمعوا للحق واعقلوا، ولا تأخذكم العزة بالإثم..
النيّاتِ النيّاتِ.. «ويسّروا ولا تعسّروا» ولا تتشدّدوا..
النيّاتِ النيّاتِ.. فلا تنزعوا الحياء؛ فتتعرَّوا وتُفضحوا..
النيّاتِ النيّاتِ.. فاصدُقوا وأخلصوا؛ لتنجوا ولتجدوا ولتربحوا ولتُزْهِروا ولتثمروا ولتوفَّقوا ولتُسدَّدوا ولتسعدوا ولتفوزوا في الدارين بإذن الله.