مشعل الصخيبر
فقد الوطن ومحبي الشعر ليس بالسعودية والخليج وإنما في الوطن العربي الأمير والشاعر والإنسان الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود أمير الشعر ومهندس الكلمة، العظام والكبار يصعب على الكاتب والمحب لهم من أين يبتدي ومن أين ينتهي لا ينتهي بل يجف حبر قلمة فهو يكتب ويمحو لأن كلمة يكتبها يجد انها لا توفي المكتوب عنه قدرا فكيف بكتابة عن فقيد الوطن القامة والقيمة الراحل الأمير بدر بن عبدالمحسن آل سعود - رحمه الله وغفر له- الذي لحق بالرفيق الأعلى الأسبوع الماضي.
بدر إنساناً في حياته، وإنساناً في فقده عندما رحل عن هذه الدنيا الفانية لدار القرار لرب كريم رحيم تربينا منذ الصغر على سماع وقراءة أشعار البدر التي تدعو لحب الوطن والعزة والشموخ ومكارم الأخلاق والبذل والعطاء والحب، رحل البدر وبقيت قصائدة الخالدة ومنها القصيد المشهورة التي يحفظها كل مواطن ومواطنة، سعودي وسعودية، وتغنى بها فنان العرب الفنان محمد عبده
فوق هام السحب وان كنت ثرى
فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى
مجدك لقدّام وأمجادك ورا
وإن حكى فيك حسادك ترا
ما درينا بهرج حسادك أبد
أنتي ما مثلك بهالدنيا بلد
والله ما مثلك بهالدنيا بلد
انتماء الأمير البدر لأسرة حاكمة لم تجعل منه إلا إنساناً بسيطاً محبا للناس وقريباً منهم دائماً الابتسامة فرغم رحيله إلا أنه سيظل حاضراً في أذهان محبيه وأصدقائه، من الأشياء التي تتعلق بتقديم بواجب العزاء عندما تفقد أي أسرة أحدا من أفرادها تجد ان تقديم العزاء لا يتجاوز أسرة الفقيد إلا البدر، شاهدنا المواطنين والمواطنات السعوديين والسعوديات يعزون بعضهم البعض ويضعون صور الفقيد على شاشات جوالاتهم، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وكأن الفقيد على صلة قرابة بكل مواطن ومواطنة هذا الحب العظيم والإحساس بالفقد دليل محبة الراحل ومكانته عند المواطنين.
القمر عند خروجه في أول الشهر يبدأ بمراحل الظهور شيئاً فشيئاً فيكتمل ثم يختفي ليحل ويطل من جديد مع بداية كل شهر إلا أن البدر الأمير بدر بن عبدالمحسن خرج بدراً مكتملاً منذ أن طل بصورته وشعره وإنسانيته، وظل بدر في قلوب محبيه وأصدقائه فهو لم يأفل ولم يختفي رغم الغياب
كتب الراحل قصيدة في أخيه فيها من المحبة والأبوة والاحترام لشقيقة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود لو أسمعت حجراً لذرف دمعاً على ما فيه من الحب لأخيه الأمير سعود بن عبدالمحسن:
وعسى حروفي اليوم توفي بغرضها
كن السنين استكثرت طول عرسي
سبعين غيري ما حصلّه بعضها
ولا بدها يا سعود بتغيب شمسي
ذي سنة رب الخلايق فرضها
ولاعلها حريتي بعد حبسي
ولا علي ألقى عند ربي عوضها
لولاي أحبك ما تذكرت نفسي
ولا انتبهت لعجزها أو مرضها
ومادام أشوفك طاب حزني وأنسي
وما همني حلو الحياة ومضضها
لعل قبل سعود لحدي ورَمسي
أخوي من أثرى حياتي ونهضها
ويا من ذكرني ما تذكرت منسي
ذكرت من عد النجوم وقبضها
أنا الذي لو تلمس الريح خمسي
كان السحاب أرخى العباة ونفضها
هذا الشجن حرثي والأيام غرسي
قصيدتي يبطي الزمن ما نقضها.
ومن القصائد الخالدة التي كتبها الراحل ولا تزال عالقة بأذهان السعوديين «أنا بدوي»
أنا بدوى ثوبي على المتن مشقوق
ومثل الجبال السمر صبري ثباتي
ومثل النخيل خلقت أنا وهامتي فوق
ما اعتدت أنا احني قامتي إلا فـ صلاتي
وإلى افتخر بفعال يمناه مخلوق
يابنت أنا فعلي شهوده عداتي
الله خلقني وكلمة الحق بوفوق
ملكت الأرض وراس مالي عصاتي
وكانت آخر قصيدة كتبها قبل رحيله:
الناس ما همَّها ظروفكْ
كود الذي يحزن لغمّكْ
وإن شلت حملك على كتوفكْ
بتموت ما احدٍ ترى يمّكْ
لا يتسع المقال لكتابة قائد البدر والحديث عن مآثرة ومواقفه.. رحم الله البدر وأسكنه فسيح جناته عزاؤنا لشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز ولأسرته الكريمة وللأسرة الحاكمة ولكل مواطن ومواطنة محب لفقيد الوطن والإنسانية المعطاء الكريم البدر الأمير بدر بن عبدالمحسن.