د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
اقتصاد تقني في السعودية نحو عالم جديد، حيث تتصدر السعودية العالم، وقد تم تصميم هذا التحول بما يتناسب مع العصر الرقمي لتلبية جميع الاحتياجات لتكون السعودية ضمن عالم رقمي مدعوماً بالمهارات والأدوات الرقمية تطمح أن تكون ضمن المراتب العشر الأولى عالمياً، أي تضاعف الاقتصاد الرقمي 3 مرات في 10 سنوات وقفز إلى أكثر من 460 مليار ريال من خط الأساس 298 مليار ريال وفق ما أعلنه وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبد الله السواحة في مؤتمر صحفي على هامش انعقاد مؤتمر ليب 24 التقني الذي أقيم في الرياض في مارس 2024.
لقد أصبحت السعودية رائدةً في الاقتصاد الرقمي عالمياً وستكون نيوم أكبر منصة عالمية للمبتكرين والمبدعين لتحقيق الرفاهية للمجتمعات، لكي يتمتع المجتمع السعودي بالمرونة والسرعة الكافية، التي تحفز على الإبداع ويواكب وتيرة التغير المتسارعة المدفوعة بالتحول الرقمي لبناء مستقبل مبتكر، حيث تثبت الحلول المبتكرة في الصحة الرقمية والتعليم عن بُعد والمدفوعات الرقمية وفي الحكومة الرقمية أكبر دليل على جدوى الاستثمار في التحول التقني والرقمي.
تصدر القطاع الحكومي في الإنفاق على القطاع التكنولوجي مما أهّله لإطلاق ألف خدمة حكومية ويسعى نحو إطلاق 400 خدمة حكومية رقمية أخرى جديدة في 2024 مع استثمارات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني وتحليلات البيانات الضخمة، وجاء في المرتبة الثانية في الإنفاق على قطاع التكنولوجيا قطاعات التصنيع والموارد والتمويل والاتصالات والطاقة من حيث الإنفاق في 2023، حققت السعودية تقدماً في مؤشر نضج ومؤشراته الفرعية حيث حققت نسبة استحقاق عالية على مستوى المؤشر بنسبة 97.3 في المائة، مما وضع السعودية في مصاف الدول المبتكرة.
يُشكّل الذكاء الاصطناعي من الناتج الإجمالي العالمي نحو 80 في المائة، وتضم العظماء السبعة كلاً من الفابت وأمازون وأبل وميتا بلاتفورم ومايكروسوفت وإنفيديا وتسلا، ووفق مايكل هارتنت محلل بنك أوف أمريكا وجد أن هؤلاء العظماء السبعة هيمنوا على السوق الأمريكية في 2023، وكان لهم تأثير تكنولوجي وتغيراته في سلوك المستهلك والاتجاهات الاقتصادية، كما كتب جيم ريد الخبير الاستراتيجي الكلي في دويتشه بنك أن العظماء السبعة اليوم أكبر من السوق الصينية بأكملها، وضعف حجم السوق اليابانية، وأكثر من أربعة أضعاف سوق المملكة المتحدة، التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 13 تريليون دولار.
أيضاً تبلغ قيمة المشاريع العملاقة في السعودية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي نحو 7 تريليونات دولار، ونحو 70 في المائة من الأهداف الـ96 المحددة في رؤية 2030 تضمنت استخدام الذكاء الاصطناعي، هناك طموحات سعودية مشروعة لتطوير الذكاء الاصطناعي، خصوصاً وأن هناك انزلاقاً كبيراً يحدث في أسواق المال لصالح الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية وبالأخص الذكاء الاصطناعي، لا ينفع معه التردد والانتظار، لأن التطور السريع لن ينتظر أحداً، والسعودية ترى أن التكنولوجيا الرقمية هي نفط المستقبل.
ووفق تقرير مطول نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن السعودية تسعى لبناء صناعة تكنولوجية تسير جنباً إلى جنب مع هيمنتها النفطية، وأن الجميع يرغبون في تكوين صداقات مع السعودية باعتبار أن السعودية تعمل على أن تصبح لاعباً مهيمناً في الذكاء الاصطناعي ولا تبخل في ضخ مبالغ كبيرة لتحقيق هذا الهدف، وبالفعل أعلن آدم سيليبسكي الرئيس التنفيذي لقسم الحوسبة السحابية في أمازون خلال مؤتمر ليب في نسخته الثالثة الذي عقد في الرياض في الفترة 4إلى 7 مارس 2024 تحت شعار آفاق جديدة في الرياض يجمع قادة الفكر وصناع التغيير وخبراء البيانات والمبتكرين والشركات العالمية والناشئة عن استثمارات بقيمة 5.3 مليار دولار لمراكز البيانات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في السعودية، وهناك شراكات متعددة من شركة هواوي وعشرات الشركات الأخرى تسير في الاتجاه نفسه، وتم إبرام صفقات تجاوزت قيمتها الـ 10 مليارات دولار وفقاً لوكالة الأنباء السعودية، بجانب إطلاق السعودية صندوقاً بقيمة 100 مليار دولار للاستثمار في الذكاء الاصطناعي.
نجد أن شركة أرامكو السعودية العملاقة ترى أن الذكاء الاصطناعي تجاوز مرحلة كونه أداة اختيارية، بل أضحى مكوناً أساسياً يفرض وجوده لدعم آفاق التطور والنمو، فأصبحت الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي بكثافة على محاور كثيرة ومتنوعة لتعظيم العوائد، مما سيساعد على اكتشافات جديدة وتعزيز الإنتاج من الأصول القائمة من أجل تكامل أعمال الشركة، وهي أكبر مستثمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث أنفقت على البحث والتطوير في 2023 نحو 3.5 مليار دولار وهي نشطة فيما يصل إلى 250 مجالاً من مجالات الابتكار تشمل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الطائرات المسيرة والروبوتات والسيارات الكهربائية لتحقيق نوع جديد من الميزة التنافسية المعتمدة على التكنولوجيا، للعمل على خفض تكلفة إنتاج برميل النفط وزيادة الكفاءة وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وستكون وفورات التكاليف كبيرة تبلغ 25 في المائة وحتى 50 في المائة في سيناريوهات معينة.