د.نايف الحمد
في ليلة خالدة كتب فيها نجوم الهلال تاريخًا مجيداً صاغوا فيه السطر الأخير بحروفٍ من ذهب في صفحة أسطورية كان إشعاعها وهجاً يخطف الأبصار وبرقاً عم الآفاق ورعداً سمع صداه ساكنو الأرض من متذوقي الجمال والكمال.
لم يكن غريباً أن يسود البطل وينتصر؛ فقد مضى بين محطات عمره شامخاً منذ أن كان وليداً ؛ يتجاوز العقبات بعزيمة ويتخطى الصعوبات بإرادة لا تلين؛ فيحقق الانتصار تلو الانتصار ويصنع المعجزات دون أن ينظر خلفه.. يسير بثبات ويرتقي ليحفظ مكانه بين النجوم؛ وليرسل ضوءه لعشاقه، فيكشف لهم الدروب وليهتدوا بضياءه وليعزف لهم أعذب الألحان ويحقق لهم الأحلام ويصنع لهم المتعة والشغف والإبهار؛ ويقول لهم لاتنظروا لغيري ولا تعقدوا المقارنات أو تلتفتوا للترّهات، فمن أجلكم سكنت السماء، وتركت البقية يفترشون الأرض ويتقاذفهم الهواء؛ فكم هي المسافة بعيدة بين الأرض والسماء.
في تاريخ الأندية بطولات.. وفي سجل الموج الأزرق معجزات ؛ فما يفعله أشبه بالسحر، وكل ما يجري على ألسنة منافسيه من أمنيات أصبحت عند الهلاليين منجزات؛ حتى أنه حقق لعشاقه كل ما يتمنونه؛ فهذا الموج لا يتوقف مدّه حتى يُغرق خصومه حتى بات بعبعاً لا يتمنون مواجهته، ورقماً صعباً وأيقونة للإعجاز ومثالاً يحتذى في القارة الآسيوية وسجلات الكرة العالمية.. يكتب التاريخ ثم يمضي ويصنع المجد ولا يكتفي به.. يسابق نفسه ويتحداها لأنه لم يجد من ينافسه؛ ويجعل من كل محطة مجرد درجة في سلّم المجد، يصعدها ثم يترك التاريخ شاهداً عليها.
كان الصخب عالياً والتحديات كبيرة والكل متحفز .. فالجماهير تتابع والقنوات تنقل، وإعلام العالم يستطلع بعد أن أصبح الوطن الوجهة المفضلة لأفضل نجوم العالم وألمعهم؛ لكن التقاليد الراسخة أبقت كبير القوم في مقدمة الركب، إذ عرف كيف يستثمر هذا الوهج ويضيف لتاريخه صفحة جديدة خط حروفها بريشة رسام حاذق أبهر بها العالم وتحدث عنها بدهشة؛ فقد كسر العملاق الأزرق كل المعطيات؛ وصحح بنظريته كل المعادلات؛ وفرض بشخصيته وهيبته الخسارة على نجوم العالم وأطاح بالفرق مرة بعد أخرى؛ وسجل اسمه كبطلاً لدوري المحترفين في أقوى وأهم نسخة في التاريخ وقبل نهايته بثلاث جولات.
نقطة آخر السطر
سيبقى هذا الموسم مثالا حيا لقيمة هذا الكيان الهلالي العظيم.. وستتذكر جماهير الكرة ما فعله هذا البطل في موسم للتاريخ.