عثمان بن حمد أباالخيل
السلوكيات الإنسانية في المجتمع مختلفة ولها ألوانٌ متعددة هناك سلوكيات جميلة وسلوكيات أخرى ذات وجه غير حضاري وغير إنساني. النقد له أوجه كثيرة في شتي مناحي الحياة لكني سوف أركز على النقد الاجتماعي الذي يعيشه الإنسان حين تعامله مع الآخرين في كل أنشطة الإنسان وفي كل مكان يتواجد به. النقد ما هو إلا تعبير ووصف لحالة معينة سواء أكانت حالة إيجابية أم حالة سلبية. من الطبيعي أن يختلف النقد باختلاف النقاد فمنهم من كان واقعاً تحت تأثير ما مما دفعه أن يكتب نقداً ما قد يسمى نقداً هداماً، أو كان النقد موضوعياً لما يساعد على الارتقاء في العلوم الإنسانية والخير العام وهو النقد البنّاء. (من لا يتقبل النقد فهو لابد يخفي شيئاً). - هلموت شميت، من الضروري أن يكون النقد والمعرفة متلازمين، إذ أنَّ الناقد يتمتَّع بعدَّة صفاتٍ منها: قدرته العالية على انتقاء العبارات التي تظهر النقد بصورة إنسانية بعيداً عن السخرية والاستهزاء ويكون النقد وجهاً لوجه وعلى الناقد أن يبدي رأيه بما هو صحيح وما هو خطأ ولا يفشي للآخرين بما نقد. للأسف معظم النقد الاجتماعي يدخل في دائرة النقد الهدام وهذا ما يسمى نقد الانتقام الذي يهدف إلى التشهير دون مراعاة الجوانب الإنسانية وفي معظم الأحيان النقد ليس له أساس وما انتقد من أجله وهم وسراب. هناك شريحة من شرائح المجتمع تسمى المزاجيون الذين تكون لهم ميول فردية خاصة فيظهرون الإعجاب في إنسان دون الآخر دون ذكر مبررات واقعية اللهم الإعجاب المبني على المصالح الشخصية. المشكلة ليست في النقد بحد ذاته، بل في تعامل الإنسان مع عملية النقد وغياب روحه وجوهره.
يعجبني ذلك الإنسان الذي يتقبل النقد الإيجابي بهدوء ويعترف بتقصيره من ناقد يحب مصلحته دون تجريح أو تشهير، الناقد الهادف يختار التوقيت المناسب، والأسلوب المناسب، عندما تكون أجواء العلاقة بين طرفَيْ النقد مستقرة، ولا تشوبها شوائب ولا يعجبني ذلك الناقد المُشهّر بالمنقود والذي لا يعي مدى التأثير النفسي، وفي رأيي أي نقد لا يعقبه رأي صائب فهو نوع من أنواع التعسف الاجتماعي. كثيرون لا يتقنون النقد ولا يعون معناه. النقد ثقافة ورؤيا، فنّ يشترك فيه الذوق والفكر والفهم العميق، للأسف البعض لا يقبل أن تُخالفه، ويعتبر النقد إنقاصاً لذاته في سلوكه. وعلى الناقد أن يدرك إن الإنسان عقل ومشاعر وأحاسيس. النقد مثل المطر، ينبغي أن يكون يسيراً بما يكفي؛ ليغذي نمو الإنسان، دون أن يدمر جذوره». (فرانك كلارك)
معظم مشاكل الناس نتاج النقد من أجل النقد وخلق أجواء مشحونة بالكره والتباعد وقلة الاحترام، من يسلك هذا الطريق فهو معول هدم وطاقات سلبية في غاية العدمية، هؤلاء الناس مرضى يعانون من الضبابية في رؤيتهم لمن حولهم، هم لا يدركون إنهم في دائرة النقد للآخرين.
همسة: أتعجب ممن يتفنن في نقد الآخرين ويغضب حين ينتقد.