علي الخزيم
- هي علبة (قارورة) لا توجد بهذا السعر الخيالي حتى بأفخر سوق مَركزي بالعالم، لكنها تتوفر أحياناً ببعض الملاعب الكُروية لا سيما بيد فئة شبابية يَغلِب عليها الحماس الطاغي لفريقها المُفضل ويدفعها مَيلٌ للغوغائية المؤقتة لاقتراف ما يُعد ممنوعاً سلوكاً ونظاماً؛ ويُعاقِب عليه القانون المُتَّبع لدى الجهات المُشرفة على القطاع الرياضي، (فحين تَطغَى على الحَرَّان جَمرة الهزيمة) تُفلت أعصابه وتضيق أخلاقه فلا يجد سوى ما بمتناوله ليقذفه تجاه لاعب الفريق الخصم تعبيراً عن سخطه وعدم تقبله للهزيمة.
- فمِمَّا يُعاب على بعض جمهور المشجعين أثناء المقابلات والتنافس الرياضي خروجهم عن قواعد السلوك المُحبب؛ وتجاوزهم لحدود الآداب العامة، وتشويههم لمعنى (التنافس الرياضي) فيكفي من كلمة رياضة أنها تعني الروح الطيبة وأخلاق الفروسية واحترام الخصم وتَقَبّل تَفَوقه تلك الساعة، فمن يتأخر بجولة قد يتقدم بجولات لاحقة، هذا ما تعارف عليه فرسان العرب ليقينهم أن ما تريده لنفسك يريده الآخرون أيضاً، فوطِّن النفس على هذا المبدأ الراقي لتعيش جمال التنافس.
- ضع نفسك مكان المنتصر وتخيَّل أن أحد مشجعي الفريق الخصم الخاسر قد قذف لاعبي فريقك بعبوات المياه أو ما شابهها بسبب غبن الخسارة؛ فهل ستبتسم وتُلَوّح لهم بيدك شاكراً، أم أنك ستبدأ بالحال التَّغريد عبر وسائل التواصل لتطالب بصدور قرار العقوبة على من فعل تلك الفعلة المشينة؟! لماذا تصفها الآن بالمشينة ولم تكن كذلك حين كان مدرجك يفعلها؟ الإنصاف من شيم الكرام حتى مع النفس والمقربين، وهو الطريق لنبذ ارتكاب مثل هذه الأخطاء.
- في لقاء كروي حماسي تم مؤخراً؛ قَذَف بعض الغاضبين من تأخر فريقهم لاعبي الفريق المنتصر بما عدده 20 عبوة مياه؛ فكانت غرامة هذا التجاوز 100 ألف ريال على إدارة ناديهم، وهنا كما في كل عقوبة مماثلة يبرز الجدل حول:(مَن المفروض أن تُوجَّه له العقوبة)؟ ففريق يرى أن لا ذنب للنادي الرياضي إن تجاوز بعض مشجعيه للأنظمة، وآخرون يرون استحسان التَّرصد بالكاميرات وضبط من يفعل ذلك وردعه، وما زال النقاش يتجدد.
- قذف عبوات المياه وغيرها؛ وافتعال حركات وإشارات ذات مدلولات وإيحاءات غير لائقة أو خارجة عن دائرة الذوق العام بكل اتجاهات الكرة الأرضية؛ أو ما يتعارض مع الأعراف والعادات السائدة بالبلد هي بلا أدنى شك مِمَّا يجب أن تُنَقَّى منه الملاعب والمدرجات الرياضية، وأن يفهم الجميع مدى حدود السلوك والأخلاق بصفة عامة والرياضية بصورة خاصة.
- ليس هناك أي عائق لإفهام اللاعبين الأجانب هذه المعايير والاعتبارات السلوكية الأخلاقية والمبادئ والمُثُل الوطنية لدى شعوب البلاد التي قدموا للعب لأنديتها الرياضية، وهي ليست من الأمور الصعبة؛ فقد يمكن عند بدء مُجريات التعاقد معهم عرض الخطوط الرئيسة لهذه الاعتبارات، وعند قدومهم تكون هناك جلسات مُهذَّبة معهم لشرح هذا الجانب الهام لئلا يتحجج بعضهم بأنه قد شاهد مثل هذه التصرفات ببلاد أخرى ولم تكن لافتة أو مزعجة، فليعلموا أن آداب الشعوب وعاداتهم تتفاوت، والأهم أن تُدرك أجيالنا واجباتها بهذا الجانب، وأن للقرارات الخاطئة أثماناً باهظة.