رمضان جريدي العنزي
الكتابة على جدران المنازل أو المرافق الحكومية أو الأهلية يعتبر تشويهاً بصرياً وعادة سيئة يقوم بها بعض الشباب من خلال كتاباتهم وتعابيرهم الشخصية وإحباطاتهم النفسية، إنها ظاهرة بشعة ومؤذية للعين والذوق اختفت فترة ثم عادت الآن بقوة، إن الكتابة على الجدران تعتبر سلوكاً عدوانياً ضد الآخرين، إن هذا العمل مرفوض تماماً وغير مقبول ولا يمت للواقع الحضاري بصلة، يأتي أحدهم بـ(البخاخ) ليبث لوعته وشكواه وهمومه وصدره الممتلىء، ليخط ما يخطه، حتى غصت الجدران بالشاكين والباكين والمتيمين، الذين يبثون أحزانهم عليها، إما بكتابة مباشرة، أو باقتباس القصائد الحزينة، أو بالتعابير الساخرة.
إن الكتابة على الجدران ما هي إلا مرآة لما يخالج نفس كاتبها من حب وغزل وحنين نتيجة فراق، متأثراً ببعض الأبيات لنزار قباني:
علمني حبك أن أتصرف كالصبيان
أن أرسم وجهك بالطبشور على الجدران
إن ما نراه اليوم على الجدران ما هي إلا خربشات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل وعلى العكس تشوه العمران وتثير غضب الساكنين، لقد انتشرت هذه الظاهرة في الوسط العربي كنوع من التقليد الأعمى لدُول الغرب كما يطلقون عليه هناك فن «الجرافيتي Graffiti»، بحيث نجد في الدول الغربية بعض الجمعيات والنوادي يؤيدون هذه الظاهرة ويُعلّمُونها شبابهم، كونها تخدم مصالحهم في التعبير والتشهير لمختلف قضاياهم الاجتماعية والسياسية، هذا ومع تضارب الرأي العام الغربي تُجاه هذا الفن رغم تبنيه من طرف مؤسسات وجمعيات عديدة.
إن هذه الظاهرة دخيلة على مجتمعنا وليس منها أدنى فائدة، إن ما يحز في النفس ويدمي القلب أنه حتى بعض جدران بيوت الله لم تسلم من هذا الأذى وهذا التصرف الساذج، إن الوالدين عليهما مسؤولية كبيرة في توعية الأبناء تجاه هذه الظاهرة، وكذا المعلمين، وخطباء المساجد، وإفهام الشباب بأن هذا التصرف يعد اعتداءً على ممتلكات الغير، وهي جريمة أخلاقية وقانونية لا يمكن أن يقوم بها من يتصف بالأخلاق والسلوك الحسن، وإنها مجرد خربشات تعبث بجمال المكان، وإفساد للذوق العام.