سلطان بن محمد المالك
المجالات الاقتصادية متنوعة وتتطور وتتزايد مع الزمن، أحد الاقتصاديات المهمة في المرحلة الحالية والمستقبل هو اقتصاد الفضاء، ويتمثل اقتصاد الفضاء في مجموعة النشاطات الاقتصادية التي تدور حول الفضاء الخارجي، ويشمل هذا المجال استكشاف الفضاء، والصناعات الفضائية المتنوعة، واستخدام الأقمار الصناعية، وحتى استغلال الموارد الفضائية. ويعتبر اقتصاد الفضاء مجالًا متطورًا يحمل في طياته إمكانيات هائلة للتطور والابتكار، وقد شهد تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة.
وتعتبر رحلات الفضاء واستكشاف الفضاء الذي توليه العديد من الدول جزءًا أساسيًا من اقتصاد الفضاء. فقد شهدنا تاريخيًا تحقيقات مهمة في هذا المجال، من الهبوط على سطح القمر إلى تطوير محطات الفضاء الدولية. ففي الوقت الحالي، يسعى العلماء ورجال الأعمال إلى استكشاف المزيد من المجرات والكواكب، مما يعزز الفهم البشري للكون ويفتح آفاقًا جديدة للابتكار التكنولوجي. وتشمل الصناعات الفضائية مجموعة متنوعة من الأنشطة، بدءًا من تصنيع الصواريخ والمركبات الفضائية، وصولًا إلى تطوير تقنيات الاتصالات الفضائية وأجهزة المراقبة. تعتبر هذه الصناعات حيوية لتحقيق التقدم في مجال الفضاء ولتلبية احتياجات البشرية في الفضاء وعلى الأرض. وتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن يرتفع حجم اقتصاد الفضاء إلى 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2035، وذلك في ظل اعتماد العالم على تقنيات الاتصال والتنقل بشكل متزايد، الأمر الذي قد يعزز قيمة جميع الصناعات على الأرض تقريباً، ويوفر حلولًا للعديد من أكبر التحديات في العالم.
المملكة العربية السعودية ليست بمنأى عن هذا الحراك، وفي ظلّ توجّه حكومتنا الرشيدة لمواكبة التقدم العلمي، تتسارع الخطوات نحو تحقيق رؤية المملكة 2030، الرامية إلى تنمية وتنويع قطاعات الاقتصاد السعودي، وضمان استدامتها بما يواكب مستهدفات هذه الرؤية الطموحة، لذا خطت المملكة خطوات واسعة نحو تنمية قطاع الفضاء السعودي، مع التركيز على تحفيز عمليات البحث والابتكار، وتحقيق الأهداف الوطنية المتعلقة بتطوير هذا القطاع الحيوي. وعلى ضوء هذه المعطيات واكتسابًا للأهمية الإستراتيجية لقطاع الفضاء بصفته محركًا رئيسًا للتقدم ومصدرًا للإلهام، أصدر مجلس الوزراء عدة قرارات ومنها: إنشاء «المجلس الأعلى للفضاء» برئاسة سمو ولي العهد، تعديل اسم «هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات» ليكون «هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية»، تحويل الهيئة السعودية للفضاء إلى «وكالة الفضاء السعودية»، والموافقة على تنظيمها.
وكالة الفضاء السعودية انطلقت بمهماتها بشكل متسارع لتسابق الزمن من خلال إطلاق عدد من المبادرات تشمل برامج تدريبية متخصصة لإعداد رواد فضاء سعوديين، كما تعمل على بناء شراكات إستراتيجية دولية، وتنمية صناعة فضائية محلية قادرة على دعم التنوع الاقتصادي وضمان استدامته، والتركيز على تنمية الكوادر البشرية المتخصصة في الفضاء. هذه الجهود تسلط الضوء على التزام وكالة الفضاء السعودية بإلهام الأجيال القادمة وتمهيد الطريق لهم لإسهامات دولية في مستقبل المملكة ضمن المجتمع العلمي العالمي.
ما سبق من معلومات وطرح هو جزء يسير من حديث ثري لمعالي الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء السعودية الدكتور محمد التميمي خلال لقائه في ديوانية كتاب الرأي الذي عقدته الجمعية السعودية لكتّاب الرأي.