خالد بن حمد المالك
يلتئم شمل القادة العرب من ملوك وأمراء ورؤساء ومُمثّلي بعضهم في اجتماع القمة العربية في مملكة البحرين، وسط مناخ ملتهب، وتحديات كثيرة، وفي أجواء يصاحبها الكثير من الأوضاع غير العادية التي تمر بها المنطقة العربية، ويفترض أن يتم الاتفاق على قرارات مصيرية، بما يعالج هذه الأوضاع، لا الاكتفاء بملامستها.
* *
وفي تصوري، أن عدداً من الملفات المهمة سوف تكون أمام اجتماع القمة العربية اليوم، مصحوبة بما توصل إليه وزراء الخارجية في اجتماعاتهم التي سبقت عقد القمة العربية، أبرزها حرب غزة، والحرب في السودان، وأمن البحر الأحمر، ضمن ملفات أخرى لها أهميتها، وضرورة اتخاذ قرارات بشأنها.
* *
في الشأن الفلسطيني، والمتاح أمام الاجتماع العمل على نزع فتيل الحرب في غزة، والعمل على تسهيل تبادل الأسرى، وإيقاف القتال فوراً، وبشكل دائم، والاتجاه نحو العمل على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس، ضمن خيار الدولتين المطروح من الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
وسيكون الملف الثاني إيجاد مخرج للقتال في السودان بين الجيش والدعم السريع، حيث إن ما يجري بين الطرفين ضد أمن واستقرار السودان، وينذر بما هو أخطر في المستقبل، بدخول أطراف أخرى خارجية، واستمرار القتل والهدم في كل السودان، وإنهاكه اقتصادياً وتنموياً، وإضعافه في كل شأن من شؤون الحياة.
* *
والملف الثالث من حيث الأهمية والخطورة، والعمل على تطويق آثاره هو أمن البحر الأحمر، وكبح جماح أي تصرّف يخل بحرية الملاحة عبر الممرات الدولية، وذلك بالتعامل مع الحوثيين، بما يمنع تصرفاتهم غير المقبولة، حيث شكل تهديد الملاحة آثاراً اقتصاديةً كبيرةً، وتضررت منه أكثر الدول اقتصادياً وتجارياً، أياً كانت الأسباب التي تتكئ عليها ميليشيا الحوثيين.
* *
ومع كل هذا، فلن يغيب الملف الاقتصادي، والتعاون والتنسيق بين الدول العربية، ومعالجة أسباب التوتر في لبنان وليبيا وسوريا واليمن، ضمن حرص القادة العرب على استتباب الأمن فيها، والعودة إلى إدارة المؤسسات في شؤونها، بعيداً عن الخلافات والصراعات التي لا تخدم أحداً.
* *
ومن خلال تواجدي بالبحرين لحضور القمة العربية في مملكة البحرين أستطيع القول، اعتماداً على مشاهداتي ولقاءاتي أخلص إلى القول إن التحضير للقمة العربية قد تمّ على نحوٍ يمهد الطريق للوصول إلى قرارات حازمة ومتفق عليها، وتُلبي تطلعات كل الدول، ويُؤمّل منها أن تكون بلسماً لمعالجة كل أسباب ما تمر به بعض دول المنطقة من أوضاع مأساوية.
* *
ولا يخامرني أدنى شكّ في حرص قمة البحرين العربية على أن تكون القرارات في البيان الختامي في مستوى الطموحات والتطلعات والآمال، وبما يرتقي إلى مستوى ما هو مطلوب من القادة، في ظل البحث العميق لإيجاد حل للأزمات والنظر إلى المستقبل بتفاؤل كبير، من خلال قرارات تاريخية ومفصلية تمس المصالح المشتركة لدولنا.
* *
وإن الترقب لقرارات على هذا المستوى، وبهذا الحجم، إنما يبرز ثقة الشعوب العربية بقادتها، وبما سوف يتفقون عليه، درءاً لمشاكل قادمة فيما لو لا سمح الله لم يصل الاجتماع بقراراته إلى هذا الحد الذي ينسجم مع خطورة الأوضاع في عدد من الدول العربية.