أ.د.عثمان بن صالح العامر
3 - التحديات
عطفاً على ما سبق في مقال الثلاثاء من مبررات قوية تدعو لسرعة بناء (لوبي سعودي) يكون ركيزة أساس لعمل رسمي - أهلي فعّال ومؤثر على صعيد العلاقات السعودية الدولية، تتمحور فكرته المركزية حول أهمية بناء صورة ذهنية إيجابية عن المملكة، والتأثير على الرأي العام العالمي تحقيقاً لمصالحنا الإستراتيجية، في ظل توجيهات قيادتنا الحكيمة وتوجّهات الرؤية الطموحة 2030 . فالدبلوماسية التقليدية - كما هو معلوم - ليس بإمكانها أن تؤدي الدور المطلوب من اللوبي المقترح، وذلك لأن الدبلوماسي محسوب عليه رسمياً تحركاته وسكناته من قبل السلك السياسي في أي دولة كانت.
وإحالة على ما كان من عرض ومداخلات ساعة مراسم توقيع وإهداء كتاب (اللوبي لبناء السمعة وتعزيز المكانة) لمؤلفه سعادة الدكتور: (إبراهيم بن عبد الله المطرف) أستاذ العلاقات والمنظمات الدولية المشارك السابق في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مساء يوم الأربعاء الأول من مايو 2024م الموافق الثاني والعشرين من شهر شوال 1445هـ، وبناءً على حرصي الشديد لاكتمال معالم هذه المبادرة النوعية الهامة في هذا الوقت بالذات.
لذلك كله يمكن هنا إيراد أبرز التحديات التي يجب أن تكون حاضرة في ذهنية القائمين على هذا المشروع الوطني الواعد حال الشروع في التنفيذ، وهي بإيجاز:
- وجود لوبيات عالمية قوية ومؤثرة على مسار السياسات الدولية المضادة خاصة الإسرائيلي والإيراني اللذين لهما تأثير مباشر وعلاقة وطيدة بالكونغرس الأمريكي، ومع أن هناك قوى فاعلة على الساحة الدولية إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت وما زالت القوة العظمى ولديها أذرعتها الفاعلة، وقواها الناعمة المؤثرة في التحركات الدولية التي لا توجد في أي دولة حتى الساعة.
- عدم وجود كثافة بشرية سعودية مؤثرة داخل الولايات المتحدة الأمريكية كما هو الحال لدى الإسرائيليين وكذا الإيرانيين والهنود وغيرهم.
- توظيف العالم الافتراضي من قبل شريحة من المجتمع بصورة تسيء لنا وترسم صورة ذهنية سلبية عنا، فضلاً عن أولئك المندسين في هذا العالم ويغردون على أنهم منا من أجل الإساءة ورسم صورة سلبية عنا.
- التصفيد الأيديولوجي العقدي لعدد من صُنّاع القرار في الدول المؤثرة في السياسة العالمية، مما يجعلهم يقفون في خندق الضد كرهاً للإسلام الذي هو الدين الرسمي للمملكة العربية السعودية كما نص على ذلك النظام الأساسي للحكم في مادته الأولى.
- عدم معرفة شريحة من الكتاب والمثقفين الغربيين المؤثرين على الرأي العام في مجتمعاتهم بما نحن فيه من تطور ونهضة ورقي يقودها بحكمة واقتدار مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
- عدم معرفة البعض ممن ينبرون لمخاطبة الآخر بثقافة المخاطبين وعقلياتهم بل وربما حتى لغاتهم.
- اعتقاد البعض بأن التأثير على الرأي العام يستلزم منا عدم الاعتزاز بذاتنا والانسلاخ عن هويتنا والتخلي عن قيمنا وثقافتنا مع أن هذا سببٌ من أسباب شعور المخاطبين بضعفنا ووقوعنا تحت طائلة الهزيمة النفسية.
- ضعف التكاتف العربي في بناء صورة ذهنية إيجابية عن العرب عموماً، وقل مثل ذلك عن عالمنا الإسلامي، بل على العكس إذ أن هناك من الدول والجماعات والأحزاب المحسوبة على ديننا وعرقنا ولغتنا تسيء لبلادنا وتقف في معسكر الضد ظاهراً أو في الخفاء للأسف الشديد.
- الإعلام الغربي الذي استطاع لسنوات طويلة تصويرنا عبر وسائله المختلفة من برامج حوارية أو أفلام سينمائية أو مسلسلات ومقالات بأننا مجتمع الرجعية والتخلف والقتل والسفك وظلم المرأة وعدم قبول الآخر، ولا نعرف إلا الصحراء والجمال، وليس للحضارة وجود في قاموسنا الحياتي، ولذا فنحن عالة على المجتمعات المتقدمة حسب زعمهم الباطل.
- عدم استشعار البعض من المواطنين الذين يسافرون للسياحة أو حتى الدراسة والاستثمار بأنه يمثل المملكة العربية السعودية، وأن أي فعل يقترفه قد يوظف للنيل من الشخصية السعودية عموماً.
- ولعل من أكبر التحديات التي نحن منها براء، وجود مجموعة ممن كانوا معنا ومن بيننا ردحاً من الزمن، التحقوا للأسف الشديد بجماعات التكفير ومارسوا الإرهاب ضدنا - في أرواحنا وممتلكاتنا ومقدراتنا - قبل غيرنا. فهؤلاء جنوا على الإسلام وأساؤوا له وأضروا بالمسلمين في العالم أجمع فضلاً عن بلادنا المملكة العربية السعودية، بلد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي وقبلة المسلمين، وكانوا سبباً لإحراج الوطن قيادةً وعقيدةً وشعباً ولولا الله عز وجل ثم حنكة ودهاء وحكمة ولاة أمرنا لكان ماقاموا به من تخويف وتدمير وإهلاك ورقة ضغط مستمرة في يد كل من أراد النيل من بلادنا حفظها الله.
هذه في نظري أبرز التحديات التي يجب أن تكون حاضرة في الذهن حال الشروع في بناء اللوبي السعودي استخلصت القليل منها من ثنايا ما دار من أحاديث في ذلك المساء، وأضفت عليها الكثير مما رأيته مناسباً للمقام،، وللحديث بقية في مقالات قادمة بإذن الله،، دمتم بود، وتقبلوا فائق التحايا،، وإلى لقاء والسلام.