د. إبراهيم بن جلال فضلون
يقدّم صُناع القرار ومحركو الدُمى العالمية بكل فوقية، سواء أكانوا في مواقع رسمية، أو هيئات ومؤسسات ومنظمات بحثية وأكاديمية، أنفسهم كخبراء استثنائيين، هُم وحدهم الأوصياء القادرون على تحريك خيوط البشر بوضع الخطط والصيغ والمقاربات الأنسب للأزمات الدولية وفق مفاهيمهم وتعريفاتهم الخاصة، يحددون (الصالح)، ومن هو (الشرير) الذي يجب استئصاله من أمامهم، وقد تكون أفعالهم أو قد يشترك في مسيرتهم الحمقاء أو قد يقودهم من هو عربي مُسلم بفكره الذي لم يره خط أو نور، ماكثاً وراء الشمس في حيرة وهموم، وهُم فقط يطورون أفكاره بسياسات قد تصل لحد القتل والإرهاب والتدمير والعنف فوق القانون ...إلخ، بلا حساب أو عقاب، وكأنهم وبكل عجرفة وغطرسة وتشويه - آلهة خالدون- لهم حق استباحة دماء الشعوب والأبرياء وتدمير بلدانهم وهدم دولهم؛ ليفرضوا عليهم ما يعتقدونه، في ظل الظروف السياسية المتوترة، وما تجارب لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان واليمن وليبيا والسودان والقرن الإفريقي وقضيتنا المحرم حلها بفلسطين عنا ببعيدة، فما تجد منطقتنا نفسها فيه اليوم وضع مُزرٍ لما أعطانا الله إياه من عزة وكرامة وإباء وغيرة، يحاول أمثال هؤلاء إن لم يكن نجحوا في تدمير مجتمعاتنا فالماسونيون بقيادة الأمريكان تعاملوا مع ما يحدث اليوم في الأزمة الفلسطينية وحرب الإبادة الجماعية في غزة بذات العقلية والمنهجية، فلا يتوقفون عن تقديم المقترحات والرؤى السياسية للخروج من الأزمة، وما بات يعرف باليوم التالي للحرب، بعد أن اشترك المجتمع الدولي في دماء الأبرياء، لكنّ لله حِكماً في قلب الطاولة، فحرب غزة رغم مرور نحو 7 أشهر، «تعدم» الثقة بين صناع القرار في إسرائيل، فزادت الخلافات من توتر العلاقات بين رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير الدفاع غالانت، والرئيس السابق للجيش غانتس الأكثر شعبية في إسرائيل وفق استطلاعات الرأي، ومطالب بنهاية لائتلاف نتنياهو وحزبه بمغادرة الحكومة وإجبار رئيس الوزراء على التنحي عن السلطة، بل وهُم كصناع قرار في خلاف مع الداعمين لهم بالبيت الأبيض المنهار وسقوط أقنعة بايدن العجوز وشعبيته المتهاوية، وكذلك البيت الأوربي العجوز، بل ويتعرضون لضغوط هائلة لمنعهم من الرد على الهجوم الإيراني أو الاكتفاء برد محدود.
ولا تزال الأمة العربية تتعرض إلى جملة من التحديات الإقليمية والدولية، رغم أنها على مر التاريخ أمة حية تقاوم المخططات الخارجية التي تستهدف كيانها ووجودها ودورها في بناء الإنسانية، ولا ننسى عملية طوفان الأقصى بالسابع من أكتوبر الماضي واليد الخبيرة العربية بالأسلحة وتطويرها، في كشف القوة الأمريكية الصهيونية الغربية الماسونية الزائفة، وبالتالي ينتظر علماء السياسة العربية أدوار شاقة في استعادة مناصب صنع القرار السياسي الخارجي من مغتصبيه، لاسيما مع تعقد المشهد الدولي والتطور اللافت في الأزمات وكافة المجالات التي باتت تؤثر في صياغة ذهنية للحظات محددة إزاء موقف محدد سريع التغير، حيثُ أصبح النظام الدولي اليوم متعدد الأقطاب، ولذلك لا يمكن فهم ما يحدث على الساحة الدولية من منظور اللعبة الصفرية، سيترتب عليه تغيير قواعد صناعة القرارات الدولية، فتكون أمريكا والغرب شركاء غير مرغوب بهم. مما جعل سيجعل التحولات في خلال السنوات القادمة ستصبح خطيرة وفوضوية وصعبة جداً.. وبسهولة فالبيت الأبيض أو الأمريكان وصناع القرار لم يلتقطوا جملة من المؤشرات المبكرة على حدوث هذه الفجوة، بسبب نهج سياسات ومواقف لم تعد ملائمة للحفاظ على الشراكات التقليدية مع دول المنطقة، ولذلك قد لا ينطبق على الولايات المتحدة اليوم المقولة الشهيرة للكاتب الأمريكي مارك توين «شائعة وفاتي مُبَاَلغ فيها جداً».