د.محمد بن عبد العزيز الفيصل
تشرفت يوم الثامن والعشرين من شهر ربيعٍ الأول هذا العام بكتابة تقريرٍ موسع عن مكتبة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وبينت أن هذه المكتبة تتربع على عرش المكتبات الخاصة، فهي ثرية بما تحويه من كتب ومخطوطات ومصورات نادرة، وقد زودني المؤرخ والباحث الكريم الدكتور: راشد بن محمد العساكر، بمعلومة مهمة جدًا عن المكتبة، حيث أكد لي أن مادتها الأولية تربو على 1.170.000 مليون ومائة وسبعين ألف عنوان ما بين كتاب مصوّر، ومقال، وصحيفة، حيث تشغل كتب التاريخ واللغة والأدب حيزًا مهمًّا من هذه التحفة العلمية والثقافية التي شيدها الملك سلمان على مدى عقود طويلة، وما زاد بهجتي أيضًا الخبر المهم الذي زفّه لي د. راشد، بأن المكتبة الملكية العامرة ستنتقل إلى مركز الملك سلمان الذي ننتظره بشغف، ليكون نواةً لهذه المنارة الثقافية.
هذا الاهتمام الكبير بالعلم، يجعلنا نتأمل كثيرًا في شخصية هذا الرجل العظيم، وكيف أسهمت رؤاه وتطلعاته - حفظه الله - في إلهام أبناء هذا الوطن المعطاء، وعلى رأسهم سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مهندس نهضة هذه البلاد المباركة، ومؤسس روح البناء والنماء فيها، فهذه الرؤية الطموحة التي تبنّاها سموه الكريم قادت هذه البلاد إلى سماءات الطموح؛ فألهمت جميع من يعملون في هذا الوطن الحماس والعمل الدؤوب الجاد نحو التنمية، وكما قال سمو ولي العهد: «طموحنا عنان السماء».
لقد جاء تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، تلبية لاحتياجات التنمية، ومواكبة لما تشهده البلاد من تطور على الصعيد العلمي والثقافي، حيث وافق مجلس الوزراء على تأسيسه وتنظيمه بتاريخ 13 محرم 1442هـ، ليكون ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة التي أطلقها وزير الثقافة صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان في 2 رجب 1440هـ الموافق 27 مارس 2019، وذلك ضمن رؤية السعودية 2030، ليكون هذا المجمع منارة للعلم والمعرفة، ومقصدًا لكل محبي العربية، ومرجعًا مهمًا لكل محبي لغة القرآن الكريم.
إن مما يبعث البهجة في النفس والسرور أن سمو أمير الثقافة الأمير بدر بن فرحان - وفقه الله - لديه اهتمام كبير بالثقافة والمثقفين، وفي كل يوم تطالعنا وزارته الفتية بمشاريع تنموية، وثقافية تنهض وتسمو بهذا الوطن وبأبنائه الأوفياء، ومن أسمى المهام التي يباشرها سموه دعم مجمع الملك سلمان العالمي لخدمة اللغة العربية، ومتابعة عمله، وتعزيز إنجازاته، فهو يقوم على ركيزتين أساسيتين هما: تعزيز الهوية الوطنية، وذلك بزيادة مستوى الاستخدام والإتقان والمحتوى الأصلي باللغة العربية لتعزيز الشعور بالانتماء والهوية الوطنية، والثانية: تفعيل التبادل الثقافي، وذلك بزيادة انتشار المحتوى العربي والفنون والإعلام والتبادل الثقافي في العالم لتضمين موقع المملكة العربية السعودية والثقافة العربية في العالم، وعبر هاتين الركيزتين العميقتين ينطلق عمل المجمع العالمي الذي يحمل اسمًا غاليًا على قلوب السعوديين والعرب والمسلمين جميعًا في كل أنحاء العالم، فالمجمع يسير على استراتيجية واضحة، وخطى ثابتة جعلتنا نرقب بفرح غامر إنجازاته العلمية والثقافية، التي ينفذها الأكاديمي الدقيق الأستاذ الدكتور: عبدالله الوشمي، أمين المجمع والرجل الأمين على هذا الكيان العظيم، فهو صاحب علم وعمل ومثابرة تلفها الأمانة والإخلاص، فلا يهدأ له بال ولا يستكين حتى يحقق أهداف المجمع، وقد شرفني وأستاذنا الكريم أ. خالد المالك مؤخرًا بدعوة كريمة للمجمع، ليطلعنا على إنجازات تثلج الصدر في هذه المؤسسة العلمية، تمنياتي له ولكل العاملين في المجمع، بمزيد من التوفيق والسداد.
ونتشرف في الجزيرة الثقافية بنشر هذا الملف عن هذا الكيان الوطني العالمي المشرق الذي يحمل اسمًا غاليًا على قلوبنا.