سهام القحطاني
«هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»-خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود-
منذ توحيد هذه الدولة المباركة واللغة العربية في عين الاهتمام ليس -فقط- باعتبارها لغة الدين ومركز الهوية الوطنية، بل إضافة إلى ذلك قيمة مسؤولية هذه الدولة المباركة نحو العالمين العربي والإسلامي كونها راعية مهبط الوحي ومصدر الحضارة العربية بما فيها اللغة ومُتحفها الجغرافي والتاريخي الحيَ، وانطلاقاً من كل هذه المميزات التي منحها الله سبحانه وتعالى لهذه الدولة العظيمة تبلور كمال ذلك الاهتمام بإنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الذي يعتبر من أهم نتائج رؤية 2030 كأحد أبرز برامج القدرات البشرية والتحول الرقمي.
ومن هنا جاء الهدف من إنشاء هذا المجمع؛ كون اللغة العربية هي «مكون أساسي في مستقبلنا وماضينا،.. واعتزاز بالذات والهوية الثقافية والحضارية ..التي نفتخر بها لتستمر العربية وآدابها في بناء جسور التواصل والإخاء والسلام إلى جميع أنحاء العالم ووسيلة إضافية من وسائل تحصيل العلوم والمعارف وتطويرها.»-وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان-
إن ما يميّز هذا المجمع رؤيته الحضارية للغة العربية القائمة على «تعزيز دور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، وإبراز قيمتها المعبرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية».-من مواقع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية-
إنها رؤية حضارية تسعى إلى تطوير اللغة العربية مع الحفاظ على ثوابتها وذلك من خلال تطويع الرقمنة وبرامجها وتطبيقاتها واستثمار كل الجهود والمشاريع حتى يُصبح لدينا لغة عربية مرقمنة بصيغة خوارزميات عالمية، وهو ما يوسع عالمية اللغة العربية في مجال البرامج الرقمية وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، ومن هنا تنطلق أهمية وقيمة واستثنائية مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ليصبح بحق جوهرة التاج في هذا المجال.
وتلك الرؤية الحضارية تسعى إلى تأسيس مركز ينطلق منه التوطين الرقمي من خلال «برمجان العربية» وهو موجه إلى استثمار إبداعات وطاقات التقنية اللغوية على مستوى العالم لتقديم ابتكارات تقنية ومنصات رقمية وأدوات متخصصة في معالجة اللغة العربية آلياً، ويهدف إلى تعزيز مكانة العربية بين لغات العالم الحيّة، ويحقق مستهدفات رؤية 2030 في التحول الرقمي للغة العربية لتظل في حيوية مستدامة مواكبة التطور الرقمي العالمي، من خلال تطبيقات إثرائية ابتكارية مثل منظومة «معجم الرياض» التفاعلي والذي سيُصبح ثورة رقمية في مجال المعاجم اللغوية الرقمية.
إن قيمة الإنجاز في آثاره وليس في وجوده، وهذا ما يجعل المجمع مختلفاُ عن غيره، هذا الإنجاز الذي يسعى إلى فرض عالمية اللغة العربية من خلال استثمار صفات تلك العالمية كالتحول الرقمي للغة وتوسيع مساحتها لغير الناطقين بها وجذب المبادرات الإبداعية واستثمارها ودعمها للحفاظ على هوية اللغة العربية وتطويرها، وهو ما يفتح الباب لعلماء اللغة العربية وبخاصة الشباب إلى المشاركة في دعم الفكرة من خلال تجديد أفكار وتطبيقات لتقديم اللغة العربية في أزياء مختلفة تجذب الشباب العربي إلى اللغة العربية وتحررها من الفكر النمطي حولها.
وتعتبر الشراكات اللغوية من أهم منجزات هذا المجمع والتي تهدف إلى تعزيز وجود اللغة العربية في الدول الأجنبية ودعمها بالإمكانيات والتطبيقات، سواء من خلال البرامج المشتركة أو الخبرات المتبادلة أو المؤتمرات اللغوية.
إن اهتمام السعودية باللغة العربية على المستوى العالمي سواء من خلال جائزة الملك فيصل العالمية أو مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، هو تأكيد على ريادة وقيادة السعودية للعالمين العربي والإسلامي منذ زمن الموحّد الخالد -رحمه الله - إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود - حفظه الله.
وتأكيداً على الدور العالمي الذي تسعى إليه السعودية من خلال دورها الفعّال في الشراكات العالمية ليس على مستوى الاقتصاد، بل ومستوى الشراكة في اللغة والأدب والثقافية لأنها الشراكة الأهم في جذب الآخر، فاللغة ستظل مركز القوة الناعمة لكل أمة وطريق الشعوب إلى عالمية التأثير، وهذا الإنجاز الحقيقي لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، والذي يحقق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بأن «تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة».