د. عائض الردادي
أبدى مجمع الملك سلمان - على حداثته- نشاطاً بارزاً في حقلي الصناعة المعجمية (وهي مركز عمل المجامع اللغوية) وفي حقل تعزيز قيمة اللغة في نفوس أبنائها.
أما في مجال الصناعة المعجمية فإن أول أعماله إصدار «معجم الرياض للغة العربية المعاصرة» الذي دشنه في حفل مساء الأربعاء 12-3-1445هـ، 27-9-2023م الذي يعد نقلة كبيرة في المعجمية الرقمية، حيث تميز بتطبيق مبادئ الصناعة المعجمية الحديثة في اختيار مواده، وتنظيمها، وشروحها، وعرضها بطريقة سهلة مفهومة للمستخدم، مستفيداً من التقنيات الحديثة، منتجاً مادة لغوية معجمية مقروءة آلياً، مدعومة بالتحليلات الصرفية والنحوية والمعجمية، مستنداً إلى عدد من المدونات اللغوية، وعندما قدمتُ بحثاً بعنوان «تأثير الثورة الرقمية في الصناعة المعجمية» لمجمع اللغة العربية في القاهرة عام 1439هـ-2018م لم أجد معجماً رقمياً تفاعلياً على الشابكة (الإنترنت) فما كان موجوداً إما مدونات لغوية محوسبة (وهي تختلف في مادتها عن المعجم اللغوي) وإما حوسبة لمعجمات قديمة أو تصوير لمعجمات ورقية مفردة أو مجمعة في موقع واحد، أما معجم الرياض فإنه معجم رقمي طبق التقنية في صناعة معجم رقمي على الشابكة (الإنترنت).
وقد صاحب تدشين معجم الرياض دعوة رؤساء مجامع اللغة العربية وبعض أعضاء المجامع وعلماء لغة عربية من مختلف الدول إلى ملتقى للصناعة المعجمية وكان من ندواته ندوة بعنوان «ندوة الجهود السعودية في الصناعة المعجمية»، وقد أتيح لي أن أشارك فيها بورقة بعنوان «إطلالة على الصناعة المعجمية في المملكة العربية السعودية».
والنشاط المعجمي الآخر لمجمع الملك سلمان هو إطلاقه منصة «سوار للمعاجم اللغوية»، وهي منصة تعنى بنشر المعاجم، وتأليفها، وإدارتها وفقاً لأحدث المنهجيات العلمية في صناعة المعاجم باستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبلغ عدد المعاجم المدخلة في المنصة 10 معاجم لغوية، بما يزيد عن 180 ألف مدخل، ومن مزاياه ترجمة الكلمات والجمل من اللغة العربية إلى لغة أخرى أو العكس، وكل ذلك للحفاظ على الهوية اللغوية.
وعني المجمع بتعزيز قيمة اللغة العربية في نفوس أبنائها في ضوء زحف اللغات الأجنبية، وعقد ندوات ومحاضرات ومؤتمرات، وأصدر عدداً من المؤلفات في تعزيز الهوية اللغوية العربية وتعزيز مكانتها، وبخاصة في نفوس الشباب، ومما أصدره في هذا المجال كتاب «قيمة اللغة العربية» لعدد من الباحثين، وكتاب «القيمة المعنوية للغة العربية لدى الشباب» لعدد من الباحثين، وعني بإصدار كتب عن اللغة العربية في العالم كالهند وإندونيسيا وإسبانيا وتركيا وماليزيا ونيجيريا وباكستان وغيرها، وأصدر أدلة عن علماء اللغة في العالم كالصين وإندونيسيا وغيرهما، وأولى عناية بمستقبل اللغة العربية بعقد محاضرات، وندوات، وإصدار إصدارات عن السياسات اللغوية والتخطيط والأمن اللغوي، واتجاهات السياسات اللغوية في العالم وغيرها، وكل ذلك تعزيزاً لمكانة اللغة العربية في عالم تتصارع فيه الهويات اللغوية حيث يحاول القوي فرض لغته ويحاول الآخرون التصدي لذلك للحفاظ على خصوصيته اللغوية والثقافية.
هكذا يعمل مجمع الملك سلمان لخدمة اللغة في مسارين: الصناعة المعجمية وتعزيز قيمة اللغة في نفوس أبنائها وحفظ مكانتها في دول العالم.
** **
- عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة