خالد بن حمد المالك
جاءت القمة العربية في البحرين لتنعقد في التوقيت المناسب، وتحديات خطيرة تواجه عدداً من الدول العربية، ومع حاجة ملحة لمعالجة الأوضاع على نحو يجنب دولنا المزيد من الخسائر، والنكسات، والفوضى، والتفريط بالأمن والاستقرار، والتسليم بالأمر الواقع المضر بدولنا.
* *
وكأن انعقادها في هذا الجو المشحون بالتوترات، والصراعات، والحروب، وتدخلات الدول في شؤونها الداخلية، إنما جاء كما لو كان نفيراً من الجميع بفعل الشعور بالخطر، لمواجهة ذلك بعمل جماعي يضع اليد على الجروح النازفة، ومعالجتها.
* *
صحيح أن كثيراً من القضايا الساخنة ليست جديدة ولا طارئة، لكن الصحيح أنها كما كرة الثلج كلما تأخر الوصول إلى حلول لها كلما توسعت وزادت خطورتها، وهذا ما يحدث طالما بقيت بلا حلول، لكن في مقابل ذلك هناك حالات استجدت، وأزمات ولدت من جديد، وتطورات أنهكت بعض دولنا، وحولتها إلى دول فاشلة، ما جعل البحث عن حلول لها أمراً ملحاً وضرورياً.
* *
وإذا سلمنا بذلك، وأصبح لدينا قناعة بأن إيجاد حلول لها، هو بأيدي القادة العرب، من خلال التوافق على رؤية مشتركة قابلة للتنفيذ، أدركنا بأنه بالإرادة والتصميم والعزيمة يمكن لهم الوصول إلى ما يطوق هذه المشاكل والخلافات والصراعات في مؤتمر قمتهم في البحرين.
* *
لكن من المهم أن نفهم ونتفهم ونستوعب وندرك أن المهم ليس فقط صدور بيان ختامي لمؤتمر القمة يحمل مضامين سارة، وقرارات تزيل هذا الأهم والألم والشعور بالأسى من الحالة التي تمر بها شعوبنا، وإنما التصميم على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بروح من المسؤولية، والشعور بأن خطراً قادماً ومدمراً سيأتي إن لم يتم تحقيق وتنفيذ ما تم إقراره.
* *
ثقتي بالقادة العرب كبيرة، وبقرارات القمة الكبيرة كبيرة أيضاً، وتطلعي نحو أفق يحمل بشائر حاضرة في عقلي، ولكن الهواجس والخوف من أن يكون التنفيذ أقل من المضمون، ومن نص القرارات الواضحة، ومن أن تتكرر القرارات التي تلبي الطموحات، ولكن عند التنفيذ يكون التباطؤ، والتأخير، ومعه يولد ويتجدد الشعور بالخوف.
* *
القضايا كثيرة، أهمها وأخطرها فلسطين، وما يحدث في السودان واليمن وسوريا ولبنان وليبيا يشكل أزمات تتراكم خطورتها وتتصاعد وقد بلغت الذروة أو تكاد، بما لا عذر لأحد لأن لا يبذل الجهد والعمل والتعاون لوضع حد لها، والتوجه نحو تحقيق السلام والاستقرار فيها، وصولاً إلى ترتيبات تمنع أي تنازعات مستقبلية، أو خلافات تقوّض ما تم تحقيقه.
* *
إننا في مرحلة لا تقبل أنصاف الحلول، ولا النأي بالنفس عن الدخول في عمق هذه الصراعات والخلافات للبحث عن حلول عاجلة لها، وقد آن الأوان لتحقيق ذلك، والانصراف إلى تكتل واحد وعمل مشترك لخدمة القضية الفلسطينية، والتفرغ لها، وحشد كل الطاقات من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، بدلاً من بعثرة إمكاناتها في أزمات وخلافات وحروب بيننا، وإهدار ما نملكه من قدرات فيما لا يخدم قضيتنا الأولى، وانشغال أنفسنا بما يسيء لدولنا، ويحول دون المحافظة على الحقوق المشتركة لنا.