محمد عبدالله العتيبي
يعاني الكثير من الناس من عدم القدرة على ضبط سلوكيات أطفالهم - خصوصاً لمن هم دون سن الرابعة - والتي تعتبر مزعجة بالنسبة لهم وهي في الحقيقة أمر طبيعي لدى الأطفال ككثرة الحركة في المنزل، وأكثر من يعاني من مثل تلك السلوكيات هم الذين يسكنون في شقق صغيرة وضيقة خالية من المساحات أو الأحواش فيلجأ بعضهم للأسف لمحاولة تهدئتهم وإسكاتهم بتركهم أمام الأجهزة وجعلهم يقضون أوقاتاً طويلة عليها للعب والترفيه فيؤثّرون بذلك على صحتهم الجسدية والنفسية وعلى قدراتهم العقلية، ويعتقد البعض الآخر بأن أطفالهم يمرون بحالة مرضية وأنهم مصابون بفرط الحركة، حيث إنهم يقلقونهم بسبب كثرة حركتهم ودورانهم في البيت ولا يكادون يجلسون ويستقرون على الأرض فيلجأون للأطباء ليصرفوا لهم الأدوية لعلهم يتخلصون من إزعاجهم فيزداد الأمر سوءاً؟! ولو أنهم خصصوا غرفة لذلك لكان أجدى.
الحقيقة أن كثرة حركة الأطفال ونشاطهم هو أمر طبيعي غالباً وهي طاقة يحتاجون لتفريغها بشكل دائم وهي عناصر أساسية من العناصر التي تحقق النمو الجسدي والنفسي والاجتماعي والذهني، وحينما يتبادر إلى ذهني شكوى البعض من إزعاج أطفالهم أو تململهم وتكرار كلمة (طفش) على مسامعهم أعتب على بعض الوالدين أو المربين لإهمالهم هذا الشعور وتجنبهم المسؤولية سواء كان لانشغالهم عنهم وإشباع رغباتهم ومصالحهم وتقديمها على مصلحة أولادهم أو رضوخهم للأمر الواقع دون البحث عن حلول تساعدهم في التربية ومحاولة ملء أوقاتهم بما يعود عليهم بالنفع فيجعلونهم ضحية لشاشات أجهزتهم.
كنت أفكر ويجول في خاطري كغيري تساؤلات عن مدى أهمية وجود الحدائق في الأحياء السكنية كمتنفس وخيار ضروري للترفيه واللعب وعن مدى تكثيفها في كل مكان بحيث يسهل الوصول إليها وفي أقل وقت ممكن، وبالفعل هذا ما حدث وهذا ما نلحظه جميعاً في ظل رؤية 2030 ، حيث تم تطوير وإنشاء الكثير من الحدائق وأماكن الترفيه وبما تشتمله من مرفقات للمشي واللعب ومزاولة الألعاب الرياضية ونأمل في المزيد من ذلك.
ومن خلال بحثي كذلك أثلج صدري ما قرأته من أخبار عن جهود أمانة منطقة الرياض وجميع المناطق بالاهتمام بهذا الجانب، حيث استمرت أمانة منطقة الرياض في التوسع في تصميم وتنفيذ حدائق بمواصفات نوعية على مساحات كبيرة لرفع جودة الحياة للسكان ولتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ، حيث تهدف إلى زيادة مساحات التشجير، وخفض مدة الوصول للحدائق من 15 دقيقة بالسيارة إلى أقل من 10 دقائق سيراً على الأقدام، إضافة لتشجيع السكان على اتباع أنماط صحية في التنقل من خلال الاعتماد على المشي كأسلوب حياة، ولرفع كفاءة التوزيع المكاني لحدائق الأحياء السكنية، ونأمل منهم المزيد المزيد.
كل ما تقوم به المناطق من جهود مشكورة تماهياً مع الرؤية العظيمة لبلادنا الغالية تجعل الكرة في مرمى الوالدين والمربين ليستشعروا مسؤولية التربية ويخصصوا جزءاً من وقتهم كل يوم لمجالسة صغارهم وأطفالهم والترفيه عنهم ومرافقتهم لمثل هذه الأماكن لتفريغ طاقاتهم وليتحقق لهم التوازن في نموهم الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي.. وعلى كل الأصعدة، وليتحقق التكامل في الأدوار بين داخل المنزل وخارجه وليكونوا أفراداً صالحين ونافعين لأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم.