عبدالمحسن بن علي المطلق
تلميح...
هناك من تقاسمه شغف نيل هدف، فكأنكما بِطِرْاد لبلوغه، وهذا الذي تقتفي - ولو سرًّا- أخبار، لأنكما كمن إليه في رهان، فما أن تداني أحاد تلك النوعية منزلةً، إلا وتنبذ إليه على سواء، مغبة أن تُخاتله، أو كذا يظن!، ومع هذا فإني أقرر سلفاً أنّى لك هذا! وأنت أكثر من يعرف نفسه، وحتى أنفاسه أنها آن صدق (مع) حدسٍ بها.. هي دون ذاك الطموح، وهذه نحوًا مما قرّب إليها المتنبي.. لمن نجمه في نحوس، وهمّته في سعود..!
وهنا تستحضر (قول) حاثّ على التواضع «رحم الله امرأ عرف قدر نفسه»، علق ابن عثيمين رحمه الله (لا أعلم لهُ أصلًا لكن معناه صحيح) والجملة هذه تكفينا شاهدًا، ليبقى- بعدها- الأمل الذي يلاجّ مناك وقفًا على «ردم» ما تستطيع مما بينكما من هوّة - فجوة-، أو.. هي وحدها وجه جهدك، حيث وحثيث سعيك.
وبالذات إن كان هو من نوعية الـ (مكينة على ما استُحفظت)، أعني من طلب من نفسه تلك المراتب وهو مستنفر لها كل ما أُوتي من قدرات، حتى لتجد ذاته جاثية طوع بنانه لتحصيل ما ينشد.. مهما كبرت العوائق دون مدى تلك، فهو وبكل قواه يحفد ولتلكم يرفد، وإن كان.. شادهٍ في تأوهات على شقّة ما بينكما، وسؤال يتلجلج في صداك أن كيف تباريه؟
وللعلم.. هذا داعٍ جعل من مادتي - هذه - (ضرورة) مكثها بين يدي يطول، أعني قبل نشرها، و- من هذا - ينجلي السبب، وأيضاً ما دعا لمعزته، وحتى مقامه داخلك أن لا تنشر - عنه- هكذا!، و.. مع توجسي خيفة أن لا أعطِ المادة حقّها.
لأن المشتركات - لو تبصّرت - وجدتهن الخيط الرفيع (الخفي)، الذي إليه يعود حبك لهذا.. أو ذاك، ألا يقال (صديقي من يقاسمني همومي..)! لأملي عن هذه الجزئية الهامة..
أنه وحتى ( لو) لم تجمع بينكما دنيا يبقى بتلك المرتبة، وهذه تبرز بالأخص إن كان من (أهل عصرك)، فكذا كان - هو- لي يرحمه ربه، لما. لن سبيل الذي اختط لنفسه نهجًا، وسلك فجه.. هو حصرًا مكمن، أو (وقف) إعجابي، ومن ثم إشراق دمعي على بينه، كأسوة، لأنها ماثلة لي ( في المثابرة)..، لم تكل أو تكبُ به العزيمة دون المأربِ.
وعلى كلّ هي تعليلات ليس لها صدى إن لم تجد معذّا ذا مهجة حاضرة شاقها من قبل ما شاقني، فبررت له (المشاعر) من وجوهٍ.. أدناها هطل الدموع على مثل (العبودي) ووابلها..
فيما لساني لاهجاً بما قال به حافظ إبراهيم في صدر قصيدة في «فاروق» الأمة - رضي الله عنه-:
اللهم هب لي بينا أستعين به
على قضاء حقوق غاب قاضيها
إذ.. لا جرم أن هناك من يعذر ولو لم تعتذر، فيما لا تعدم.. أن تلفى من يلوم، ولو كان لك من عذر! لكن الهم وما يؤرق من يتجاوز - عليك- ما قد يصب عليك من الملامة!، فالله المستعان.
مما أحسب وأحسبكم تشاطرونني من أن بعض المواد لا يضيرها التأخر أو يضارّ ما حوته، طالما صاحبها لا زال يبني (أقصد يحاول إتمامها)، فالغالب يعرب الـ (كيف)، وكم هي قيَّمة، وثقلها أيضًا أمام كفة (الكم)، ولا.. يعار لها في عالم كهذا من وزن، عدا أن يمسسها معرّةً في ذاك السامق.
.. ومبديًا أسفي إن كان من وراء جُملي مبالغة، أو ما قد يذهب بظن البعض، هذه الوجهة..
إذًًا فحجتي أبديها (.. وفي محاول اللاهث) جنفًا أن يقع إحداها تحت طائلة تعقّب أو تعقيبٍ.
مما سُطِّر، وإلا.. أكاد أقسم لولا أن تفندون أن هذا الطرح مختصر من شطر أصله إن لم يكن شطرين، أو حتى ثلاثة.
شيخ الرحالين:
.. العرب، والذي منذ سنيتن رحل، تاريخ محاذاة نشري هذه المادة - على وجهٍ من التقريب-.. وقد ترك (في) شيئًا عميقًا، أدناه إفاقة وعيي إثر مثال قائم لكل ذي همةٍ لا تكاد تخطئها عين الباحث عن أفذاذٍ تثائب للأسف اضطلاع الإعلام عن تقصي نوعيتهم، من أن تلفى في الساح من يدانيها،.. عدا في أساطير!، وأأسف على هذه اللكنة إن نفثت عن مبالغة.
أثمّ..
ما كان لأمّة أمست معارفها لديها (ذمم) عليها أن يمضي رجل - منها - كهذا.. دون أن تُشيّعه بغالب حقّ ما يستحق، ولو وفق ما قيل «ما لا يمكن إدراك كله، لا يترك جله»، وهذه للعلم تساق على وجهٍ من التعذير.. حال التقصير.
فالقوم كان العلم وللعالم على وجهٍ أدق له علامات بها بينهم يهتدي الساري في دياجير الجهل، القابع في أتون الأمّية، لما كانوا لقلتهم يومئذ (بين الجموع) مثل الزبر..
.. أيضًا ما تزيّلوا به عمن سواهم بسهولة وبيسر، كم يتميز آحادهم حين يمسك بخطام الحديث.
ولهذا قيل «تكلم لكي نراك»، أي نزن مقالتك، فننزلك منزلة ما تستحق، أو ما هو لزامًا ( لك) علينا، لأن أهل الوزن يومئذٍ..
من ينظر بعين القلب يبصر
جمالا ليس تبصره العيون
فبربك ماذا عن حال من يبصر بعين (العقل)!؟
أيضًا ما (يتجللون) به بما أحيطوا به كالسوار.. ممن حولهم، أعني الهالة من (توقير) خاص لأهلية اكتسبوها من ذلكم، فحق لُفرادهم التوشَّح بما قيل.. شعرًا:
إذا جلس الغنيّ على الحشايا
فإنك على (المنابر) قد جلستا
وكذا قال «ابن عاشور» رحمه الله نثرًا (موائد الكرماء عند العلماء هي للشرف لا للترف).
وما ذلكم من دواعيا إلا أنهم للعلم صائنون، وله ذائدون، ولنشره مندفعون، وأحايين بأكثر مما هم لتحصيله - من قبل - متدافعون،.. ألا فـ/
(فزّ) بعلم تعش حياً به أبداً
الناس موتى، وأهل العلم أحياء
والموت هذا.. ذا دلالة أبعد!، ألا وهي المعنوي.. منه، وهذا اشتقاقًا من حديث (مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت) قال ابن باز - رحمه الله - «يعني الغافل كالميت، والذاكر كالحي»، وكفى بهذا تشجيعًا وترغيبًا للفاعل وتوبيخًا للتارك!، فيما نجد المتنبي قد زاد/ أماتكم قبل موتكم الجهل!
هذا شعرًا، ومن (النثر) ما.. ذكره أحد علماء عصرنا عن نفسه والموقف الكبير للعبودي فكان بعد (الشيخ) تصوّر، وصار بعد فضل الله سببًا لما وصل إليه، وهو علمنا اليوم، أعني به صاحب السماحة الدكتور الشيخ صالح فوزان الفوزان، وقد ذكر الواقعة (التي قام العبودي بسحبه ثم تسجيله بالمعهد).. فكان بعدها أن تغير مسار، وسيأتي مرام مماثل في (الأكاديمي) الفريح، هذا.. -مع الفوزان- بشراه بما صنع- أن كل ما يقوم به الشيخ اليوم من نشر للعلم والتوجيه.. إلخ، للعبودي نسخة (.. من غير أن ينقص من أجر الفوزان)، وفضل الله واسع، ولا عجب نعم، فتلك محفّزات لنا مهما قل جهدنا، ولا غرو!
فكم من عمل بسيط بنظرك لا تدرِ موضعه من الله، لأنك قد لا تستحضر المدى الذي يبلغ!، وهذا سبب تراخي البعض عن الإقدام لذلك.
إذ.. بذرة (صغيرة) مع ما يصاحب من (حُسن نيّة..) بيومٍ قدمت، فكانت في قابلٍ شجرة كثيفة يدعو لمن زرعها كل من يستظلها، أو يستفيد من عطائها.
وهذا.. أي هذه اللقطة تخبر المتثائب وربما تدفعه للرقي بآماله إلى تلك المواطن، وأن لا يستقل. أي حسنة (.. يتقرب) بها العبد لربه، درجة أن قيل: (أعمل بأي خيرٍ يبلغك ولو مرة واحدة، عساك تحشر مع أهله)، ثم لا تسأم من أن يكون صغيراً، ولا يضيرك إن كان بيوم نسيته، فلن، أو يترك ربك أجده.
(.. فإن نسيت المكان، أخبرك عنه المطر.. ) فإن/ النية الصادقة تُبلِّغ صاحبها، لأنها تستمر بإذن الله، ألا فدع لك ما يبقي لك (بعد الرحيل) من أثر خير يتبعك يوم لا يكون لك - فيه - عمل، وحضرني هنا ما قاله أحد الآباء: «إني لأغبط زوجتي لأنها سبقتني فحفظت أبناءنا سورة الفاتحة»، وفي هذه وأمثالها مثائل - قائمة-.
لأن آثار تلكم «ثمر» بعضا من التفعيل لما تقول، وتقديم دلالة في ( الأسوة)، أي بما تبديه في التوجيه.. وأنت (تطبّق)، ولو.. استفهمت من أحد المتخصصين في علم النفس والاجتماع، والمربين تحديدًا (الذين نجحوا في تربية أولادهم) لأنهم أجمعوا بأن التربية بالقدوة هي الطريقة الُمثلى، والصحيحة والناجعة، بعيدًا عن كل كلمات الوعظ، أو الإرشاد الخاوِي.. من امتثال ما تملى به.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بحفر الخندق بلسان المقال فحسب، بل قام بأول ضربة ليقوم مباشرة الثلة من كبار الصحابة فبقيتهم تبع بمحاكاته عليه الصلاة والسلام.
التفوق:
هي مفازة تعدو النجاح مرتبة، حتى كتب قلم سيّال لما بلغته بلادنا - والحمد لله- (تعدينا مرحلة «الفخر»..)، فحسبها - تلكم - من جملة تسمو، لأنها جليّة، وعن شرحٍ لها غنية.
فهذا الأكاديمي (د. محمد الفريح) الذي نَحى برثائه طريقة كـ (أكاديمي) مُثلى في حقّ الفقيد، وذلك من جانبين، بخاصة وهو يستعوض الدموع المادية على فراقٍ تم، وبيوم هو محتوم، أي لا محالة واقع (.. ما له من الله دافع) بصاحب المعالي (محمد العبودي)، أنتشي بما ابتدره (رعاه المولى تعالى) ببيت:
ماذا أقول وطرف فكري كلما
رام المجال توسّع الميدان
فـ (نثر) بـ.. (.. ولذلك ارتأيت أن أخالف السائد في مثل هذه المناسبات).. إلخ ذلكم، في صحيفة الجزيرة- عدد 18069، فحسبي هذه الكلمات سندًا بما هاهنا.
.. ولعل من هنا داعي البدء بالحديث عنه..
فقد تعلّم في مدينة «بريدة» في أحد الكتاتيب - كما سيأتي-، ثم في المدرسة الحكومية، ثم على يد العديد من المشايخ، من شيخه الأول عبدالله بن محمد ابن حميد، فالشيخ عمر بن محمد بن سليم، والشيخ صالح بن أحمد الخريصي، والشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي، وغيرهم الكثير من أولئك، مثل من عُرف بـ (المطوع) صالح الصعقبي، والذي قال عنه أحد تلاميذه الشيخ إبراهيم العبيد-، كنموذج لما كانوا جميعًا يبذلونه) بالطبع مع الحرص على العلم -: ( كان مؤدبًا للصبيان ومعلمًا للقرآن والكتابة، وهو مؤدّبنا، ومدرسنا في الحساب.. إنه يكتب للأولاد حروف الهجاء في ألواح من الخشب) - رحمهم الله جميعًا، وهذه تلزم مع الشكر ثم الدعاء لأولئك.. الإقرار لهم باليد الطولى.. عليك، لأن (من علّمني حرفاً صِنت له عهداً)، لا صرت له عبداً!، ثم إثراءً من أنه ( أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح).
أورد لمثله بيتٍ لابن المقرب العيوب:
نعمة لك عند لا يقاربها شكري
ومن أين لي شكر يؤديها
فالعبودي (جمع) بين التعليم النظامي، والتعليم التقليدي، أي ممكن تقول عنه (مخضرم) أي عاش عصري التعليم.
وهنا:
أمرٌ هام.. أن الكل مجمع على أن التربية تسبق العلم، ولا يماري بهذه أحد، فكم من تلميذ في سياق مدح لمن علّمه أنه بيومٍ (ربّى)، وهذه لو أمعنت في النصوص لوجدتها بارزة، كما في الآية { كما ربياني صغيرًا} أي أنمها جمعت جلّ جهد الوالدين، ثم حصرت بلفظه التربية، فلم تقل - الآية- كما صرفا علي أو تعبا، أو علّما، لأن التربية باختصار تضمّ كل تلكم، وكم راجت بين القوم مقالة لأحد تلاميذ الإمام مالك:
(لقد تعلّمنا من أدبه، أكثر مما أخذنا من علمه).
جهوده:
كان للراحل من المآثر العلمية الكثّة، إلا أنني مؤثرًا التسطير عن منحىً هو أعزُّ وأنفس علي كطلبٍ يؤثر.. أي حاصرًا الحديث عن (غزير) ما اشتُهد عنه، توارك لبضاعتي عدا ذلكم.
ففي إيثار لجمل (قد) تُكتب بحذلقة نعم، بل أحايين ما يصحب من شيء من المجاملة، أو خليطًا مما نملي في صحائفٍ نبسط بها ما نرجوه (للتخفيف) على الفاقد من الآل. ذوي المفقود-، أو شدًا من أزر صبر أحادهم، أُملي بهذه.
.. لأني أذكر يوم عزيت بالفقيد أحد أهل القلم لدينا، ظن أني سوف أسأله.. فاستبق أنه (اعتاد أن لا يكتب عن أحدٍ بعد رحيله).. الخ، مُختتمًا (اكتفاءه بما كتب عنه في محياه)، وما أن قارب يشرع بالتعليل.. هنا أنا سبقت لأكفيه مؤونة ذلك، بل ومعذر له، وذلك لعلمي (سلفاً) أنه لا يقصّر بهذه المناسبات.
.. وهنا أُلفت حصر الكتابة عن الشخصيات بـ (مدرستين):
الأولى ترى ما ذهب لها صاحبي أن الأولى الذي عليها.. أن تكتب عن الفقيد في محياه، لكي يرى - هو-، وبـ (أم عينه) أثر وتأثير عطائه، كـ.. استحضار لملامة «علي الجارم» لمن فقد فانهالت عليه الناشين، والأوسمة، أو.. نثرت الأزهار فوق ترابه!
والأخرى ترجّح كفتها الكتابة عنه (بعد) الرحيل، شفقة أن يقرن بالمجاملة له!، ولأنها (قد) ترى في معاذير صنيع الأولى ما قد يخالطها فهم.. لا يخلو من ظن لا سمح الله أن لكاتبها مآرب (خفية)!، فيما تجد للأولى تسوّق أن ما فائدة حمده وقد ذهب ولم تكتحل عينا، وُيقرّ له قلبا.. على ما بذل..!، فحسبه ملامة أنها فوق ترابه ستلقى ولا نُعقّب بعدها، لأن..
لكلا المدرستين ناصرًا.. من حيثيات ما تتعلق - تسبيبًا- عليها، أو ما اتجهت إليه، المهم هنا، المهم هنا أن.. لا يثرّب أحدهما على الآخر ما ترجّح عنده من تعليلات وجيهة لما تصنع.
.. عدا أني أرشّح الكتابة بعيد الرحيل، فهذه.. ما لا يساور أحدًا أنه صادر عن حب، وعن قناعة، كذا أحسب.
المهم أن فعلنا لذلك (نوع): من «التكريم» في أعين الأمة، مسبوقًا بإقرار له، وشكر ما ترك، وهذا ديدن المنصفين في كل حين، وسند لكلا الطرفين، ولأن كل رائع.. يلزم أن يقابل بما هو أروع، أليس كذلك يا أحباب؟
موضوعي:
يدور (رحاه) نوع من التحفيز للكل، ما تُلهم هذه النماذج - حين يعاد الكتابة عنها- لكل من عنده من الطموح ما يدفعه للقمة.. أن يأخذ برسن أمثال هذا الذي طواه السردي فيجعله دفعًا - وقودًا- لنفسه إذا ما تثاءبت ذاته، أو قارب اليأس من أن يخالجها، أو الوهن يسكنها!، بخاصة من يعي ما قيل: (.. ما من نُبل في تميزك عن أقرانك من البشر، بل النبل منافستك لذاتك..).
وعلى وجهٍ أخصّ، إن كان الناس أو الزمان دون طموحك، أو الظروف في اطراد ولو كان محموماً.. مع طموحك، فالعزاء لمثل هؤلاء (إن وقع في داخلهم شيء) أن ديننا لا يُترب الحق قدره، بل إنه يسعى - معه- حتى يُعيد أصحابه نصابهم، وأحدد إن لم يجدوا إلا جحودًا) أو على ما بذلوه حمدًا.
فالمصلح (الصادق) لا ينتظر شكر أحد، ولكن في أحوال قد يضيق ذرعه أن ما يقدّمه من جهود لا يؤخذ بها، وحسبه بوح (الجواهري):
يا (دجلة).. الخير، كم كنز موهبة
لديك في القمقم المسجور مخزون
والقمقم، هو: ما يسخن فيه الماء من نحاس، وعادة وهو الشاهد من البيت (ويكون ضيق الرأس)، أجل، لأن (طرفة) أكّد:
ذو الحق لا تنقصنّ حقّه
فإن القطيعة في نقصه
عميد الراحلين:
العنوان - هذه- نقلًا عن الأستاذ الفاضل «عبدالرحمن العوفي» لما (قام به.. من زيارات لمعظم أصقاع العالم، فكان لمشاهداته العديدة واطلاعاته ما دون فأثمرت أكثر من مائة وستين كتابًا في أدب الرحلات، وهو بهذا قد حقق رقمًا قياسيًّا في كُتب الرحلات العربية)، فـ.. بُعيدها لا عجب أن تضج منشورات الإعلام - قاطبة - في نعيه رحمه الله يومها، لما لـ(التأثير والصدى معًا، اللذين حدثا للفقيد)، بخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، في وطنه- في السعودية - على وجه أخصّ، ولا غرو، فهو الذي.. (مُنح) ميدالية الاستحقاق في الأدب عام 1394هـ، 1974م، والعجب العجاب أنها لم.. تزده تلكم إلا (مثابرة)، وهذا المراد، فما الجوائز وهذا لا يخفى على شريف علمكم منشأها عدا تعبير (بسيط)، ومتواضع من الأمة آتٍ لما يستحق صاحبها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى تشير له أنه على مسلكٍ صائب، وكذا (كناية)، هي أكبر أن/ أن استمر، أو - للتقريب- كالذي تجاوز غالب المضمار، فحين تلوّح له مشجعًا.
.. أي ليس مَدعاة للكبر، ولا حتى للاكتفاء..! البتة!، كمن (يخر) أنك متفوق على من نظرائك ممن ينافسوك فلا تتثاءب، فضلاً أن تنظر للخلف.
ولنا في (نبينا) صلى الله عليه وسلم القدوة وقد عرج به للسماء، فعاد.. وجلس مع القانع والمعتر، وبشّ في وجوه ربما منها (مدفوعة بالأبواب..)!، وهذا القمين بـ (الكبير ) بحق.
لأنه كالشجرة التي تنحني بـ(تواضع) ليقطف من ثمرها، ويستظل بظلها، وهذا العهد بالمصلح.. فيأخذ مما أتاه الله، ولا أزيدكم أن/ ملأَى السنابل تنحني بتواضع..
ألا.. فأي مجدٍ، بل عزّ.. وارتفاع سُبقت إليه؟، أو بلغه غيرك!، يا نبي الله، فـ/
صلى عليك منزّل القرآن.
.. فيما أحدهم (لو).. ذهب لبعثة (اعتيادية) للخارج، لعاد ولم يحدث غالب قومه إلا من أرنبة أنفه!، وإن تلاشى اليوم هذا، فالناس بفضل الله قاب قوسي زيارة العوالم!
أُحبّر بتلكم، لأن (العبودي) - رحمه ربه-.. ممن/
إن ذُكر (المجد) ألفيته
تأزر بالمجد ثم ارتدى، وارتدى
فيكفي أنه بما سلك (شبه تفردًا)، وهذه وحدها تُحسب له، كما.. وقارب وصفٍ يساق في مثل هذه الحال، بقولهم: (حلّق لوحده)، ألا.. فـ: ( سلامًا على من مرَّ على مرّنا فـ.. حلاّه).
فإن عصرنا يا شيخنا.. ( بلا مواربة) مُنيت الأمة بتضعضع!، واشفّع مقالتي حتى لا يُحسب علي تجاوزًا بقوله صلى الله عليه وسلم -: ( الرجال كإبل المئة قلّ ما تجد فيها الراحلة).
وعضيدٍ (استعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا..، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن «لو» فتحت عمل الشيطان) رواه مسلم رحمه الله.
و(حقيقة):
ما.. كان لمعطاء أن يذهب فلا ألفي كليماتي لا تتبعه، فإني لأزعم أن ما يكتنز لمثله من مثلي الكثير، فكفى بصاحب المعالي.. معالي ذاته في رفدها لما تناول في مؤلفاته الكثّة.
ولعلي أورد بمناسبة مؤلفاته وكموجز عمن فقد عاش زُهاء الـ95 عاماً.
ألّف خلالها ما يزيد على الـ300 كتاب، وسافر إلى أكثر من 160 دولة، إضافة إلى أنه حصد العديد من الجوائز، أعلاها وسامًا (لأنه آتٍ من بلده) تقليده بـ «شخصية العام».. 1442هـ -رمضان- من وزارة الثقافة.
تحسب أن ما مسه من لغوب قبل كل.. تلكم الجوائز، كيف لا.. وقد حفر الرجل بالصخر لأنه أدرك- باكرًا- أن ابدأ الأعذار سهل، وتقديمها أسهل، بل ليس أسهل منها سوى تقديمها كـ (معذرة إلى الله)، من بعد بذل، ما تلفى لسان حالها - لو نطقت-:
لا تلم كفي، إذا السيف نبا
صح مني العزم، والدهر أبى
وحاشاه فعل هذا، وهو إلا مرددًا مع «كريم العراقي»:
من يندب الحظّ يُطفئ عين همته
لا عين للحظ إن لم تبصر الهمم
وهذه مع الشاهد الشعري زُلفى نثر.. أن (النبوغ، إنه 99 % جهد، 1% حظ).
.. ألا فاسعَ دائماً بذاتك لأي درجة عليا يمكنك بلوغها، والقصد كُن رقمًا صعبًا، عساك إذا غبت تفتقد، أسرّ لك أن مما تعنيه هذه الجملة هو أن يكون وجودك مهمًّا في الحياة حتى لو لم تجد ما يشبع نهمك، أي كما قال محمد إقبال - رحمه الله -:
أنت كنز الدر والياقوت.. في
لُجّة البحر وإن لم يعرفوك
بخاصة يوم تبقي لك أثرًا صالحًا، وطيّبًا..، مع التأكيد هنا أنك ولو جابهت في معترك حياتك نوعيات مثبّطة!، ألا فإياك أن تسلّم لها، لأنك هنا حققت لها مناها (الخفي)، فتلك كم هي (.. مسكينة)، لم تستطع مجاراتك!
وهذه لها ملمح لا يسرّ، لأنها مأخوذة من المسكنة، كما والمسكين هو أحد أهل الزكاة، ما لا أظن فطنتك خانتك في فهم الدلالة، والمختتم بـ الصلاة والسلام على النبيّ والصحب وآله.