فضل بن سعد البوعينين
طالما استحوذت مسيرة التطوير والتنمية المستدامة في المنطقة العربية على اهتمام سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أطلق قطار التحول والإصلاحات الاقتصادية، والتنمية المحلية، وسعى جاهداً لربطها بالتنمية العربية من خلال شراكة دائمة، وتنمية مستدامة تُقَدَّم فيها صناعة المستقبل، والسلام، وإشاعة الأمل والتفاؤل، على التحديات السياسية والأمنية المدمرة.
فعلى الرغم من التحديات المالية، والجيوسياسية، أطلق سمو ولي العهد، بمباركة من خادم الحرمين الشريفين، رؤية 2030 والتزم ببرامجها وأهدافها، ومشروعاتها الكبرى، فتحققت النتائج الإيجابية خلال فترة زمنية قصيرة، وهو ما يسعى لتحفيز الدول العربية على تبنيه، لخلق تنمية شاملة وشراكة إستراتيجية محققة للأمن والاستقرار، والازدهار الاقتصادي.
الإيمان بالتنمية، وقدرتها على صناعة المستقبل، وتعزيز الأمن والاستقرار، والحرص على تحقيق متطلباتها، هو البداية لبناء مستقبل الشعوب العربية، واستثمار مقوماتها المهدرة، ومواجهة المخاطر العالمية التي تحيط بها من كل جانب.
سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قال في كلمة ألقاها في القمة العربية في البحرين، إن «ما تشهده المنطقة العربية من تحديات سياسية وأمنية لن يحول دون استمرار جهودنا المشتركة لمواجهة هذه التحديات والمضي قدماً لمواصلة مسيرة التطور والتنمية المستدامة بما يعود بالرخاء والازدهار لدولنا العربية ويحقق آمالها وتطلعاتها». وهذا هو ديدن المملكة، التي تسعى دائماً لتحقيق الأمن والسلام والازدهار في المنطقة، وتدعو إلى حل جميع النزاعات بالطرق السلمية ودعم الدول العربية لتجاوزها والمساهمة الفاعلة في تنميتها، وطرح مبادرات تنموية وشراكات اقتصادية قادرة على تغيير وجه المنطقة وتعزيز أمنها، وتحقيق تطلعات شعوبها. جهود عملية تقوم بها المملكة من خلال القمم العربية المتتالية التي تدعو لها أو تحتضنها، أو تشارك فيها، رغبة منها في إنهاء معاناة الشعوب العربية، وإطلاق قطار التنمية، ومد يد العون لها بالمساهمات الإنسانية، والشراكات الاقتصادية، والمشروعات التنموية، وتسخير طاقاتها لحشد المواقف الدولية من أجل نصرة القضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية.
لا يمكن للمملكة تحقيق النتائج الإيجابية التي تصبو إليها، ومنها أمن واستقرار الدول العربية وازدهار اقتصاداتها، بمعزل عن جهود تلك الدول، ورغبتها في تحقيق متطلبات التنمية وفي مقدمها الأمن القومي، وتعزيز ثقتها بجهود الأشقاء، ونبذ الخلافات وتغليب المصالح القومية، والعودة للصف العربي بعيداً عن التدخلات الأجنبية.
حماية منطقة البحر الأحمر، من أهم متطلبات الأمن والتنمية، ليس للدول العربية فحسب، بل وللعالم أجمع، حيث تطل عليه 8 دول ويتحكم في أهم المضائق والقنوات البحرية، مضيق باب المندب، وقناة السويس، ويربط بين القارات الثلاث، آسيا وإفريقيا وأوروبا، والمحيط الهندي وخليج عدن وبحر العرب بالبحر الأبيض المتوسط ما يزيد من أهميته الإستراتيجية. كما تمر من خلاله إمدادات النفط، وعشرات المليارات من السلع، المعززة لأهميته الاقتصادية، إضافة إلى أهميته العسكرية والأمنية، ما يجعل تحقيق أمنه أولوية إستراتيجية، لذا شدد سمو ولي العهد، على «أهمية المحافظة على أمن منطقة البحر الأحمر، وأن حرية الملاحة فيه تعد مطلباً دولياً يتعلق بمصالح العالم أجمع» ودعا «إلى ضرورة التوقف عن أي نشاط يؤثر على أمن وسلامة الملاحة البحرية». وهي دعوة طالما التزمت المملكة بمضامينها وعملت على تحقيق متطلباتها، وبما يضمن حرية الملاحة البحرية، وأمن واستقرار الدول المطلة عليه بعيداً عن الصراعات المقوضة للأمن والاستقرار والتنمية. هناك علاقة مباشرة بين أمن منطقة البحر الأحمر وتنمية الدول العربية عموماً، وليس المشاطئة له فحسب.
تضمنت كلمة ولي العهد، في القمة العربية، معاني سامية تعمل المملكة على تحقيقها من أجل إرساء قاعدة التنمية والأمن والاستقرار في الدول العربية، والمنطقة عموماً، وبما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد العالمي الأكثر حساسية تجاه الصراعات المهددة لأمن الطاقة، والتجارة الدولية، وممراتها البحرية.
إن ما يتميز به سمو ولي العهد امتلاكه لمشروع نهضوي فريد، مقترن ببرامج تنموية محققة لأمن واستقرار المنطقة، وصفات قيادية فريدة، وشمولية الرؤية التي تجعل من مصالح الدول العربية أولوية معززة للشراكة الإستراتيجية، وهذا ما يؤكده قادة الدول، والبرلمانيون، وخبراء الاقتصاد والتنمية، ومنهم السيناتور الأمريكي «ليندسي غراهام» الذي ذكر مؤخراً في مقابلة على قناة «العربية» أن ولي العهد يمتلك رؤية واضحة، وأن هذه الرؤية سوف تغير وجه الشرق الأوسط، وأنها تدفع للاستقرار ورفاه اقتصادي للمنطقة. وهي الحقيقة التي يجب أن تعيها الدول العربية لتسارع في الانضمام إلى ركب التنمية والأمن والاستقرار، بعيداً عن الصراعات المدمرة.